السؤال
سؤالي بمناسبة شهر رمضان يتعلق بكيفية إطعام المساكين والفقراء وغيرهم، وسؤالي سؤالان وهو أنني أخشى أن أضع مالي في فقير أو مسكين لم يتبين لي أنه فاسق أو أنه مسلم، لأنني قرأت في أحكام الصدقات والزكاة أن من شرط قبول الزكاة الإسلام والعقل فلا يجوز وضع المال في فاسق مستدلين بقوله تعالى: ولا تؤتوا السفاء أموالكم ـ فكل سفيه باطر للحق ومعلن للباطل لا يعلم إيمانه أو إسلامه فلا ينبغي دفع الزكاة إليه، هذا قول من قرأت عنهم، فهل تعتبر زكاتي وصدقاتي صحيحة ومقبولة عند الله إن لم أعلم حال ذلك المسكين أو الضعيف أو الفقير؟ ثم إن دفعت له مالا وصرفه في غير موضعه لا لسبيل الأكل والشرب، وإنما فسادا كأن يصرفه في شرب دخان أو ما حرم الله، وأنا لا أعلم فيما يصرفه وأين يضع ماله الذي تصدقت به عليه، فهل أحتمل وزر ذلك؟ وهل يعتبر إثما في صدقتي عليه إن كنت لا أعلم أنه لا حاجة له للمال لغير الأكل والشرب وما يسد له رمقه. وأخيرا قد قرأت فيمن تخلد عليه صوم رمضان أن عليه أن يقضيه أو يكفر عنه وعليه أن يصوم 60 يوما عن اليوم الذي أفطر فيه أو يطعم 60 مسكينا أو فقيرا، ولهذا بحثت في كيفية الإطعام وصفته فوجدت اختلافا كثيرا، فمنهم من يقول يخرج صاعا من القمح، ومنهم من يقول يخرج نصف صاع من الشعير، ومنهم من يقول يطعم من أي الأنواع شاء مدا، ومنهم من قال يخرج عرقا من التمر وغيره، والعرق عند العرب 15 صاعا ونظرا لضرورة البحث في هذا الأمر فإني لا أملك لا قمحا ولا شعيرا ولا تمرا ولكن هل يجوز لي أن أعطي الفقير الواحد أو المسكين ثمن خبز أو حليب أو جبن أو غير ذلك مما وجد عندنا من المواد الغذائية أدفع له ثمنها أو أشتريها له؟ وهل أن أكون بذلك قد أفطرت مسكينا أو فقيرا وأطعمته قضاء أو تكفيرا لذلك اليوم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال في بعض تفاصيله شيء من عدم الوضوح، وعلى أية حال، فإن كان المراد بالصدقة والإطعام ما وجب من ذلك كالزكاة والإطعام لأجل الكفارة فلا يجوز صرف شيء من ذلك إلا إلى مسلم فقير، وينبغي أن يكون من الملتزمين، لكنها تجزئ إذا دفعت للمسلم الفاسق فسقا لا يخرجه عن الملة بشرط أن يكون مستحقا لها، وبشرط أن لا يستعين بها على فسقه، مع أن صرفها لغيره أفضل، كما سبق أن ذكرنا ذلك في فتوانا رقم: 161065.
فإذا دفع زكاته لمن يعتقد أنه مسلم وأنه فقير، ولم يكن عنده علم أنه سيصرفها في معصية أجزأت، وبرئت ذمته ولو صرفها الفقير في غير المباح لم يأثم المزكي في هذه الحالة، وإن كان المراد التصدق بالطعام وغيره أي صدقة التطوع فلا مانع من إعطائها للفسقة، بل والكفار إذا لم يستعينوا بها على المعصية، كما سبق بانه في الفتوى رقم: 105538
أما عن الجزء الثاني من السؤال: فإن من أفطر في رمضان لزمه القضاء، وهو أن يصوم ما فاته من صيام رمضان، سواء كان فطره لعذر أو لغير عذر، إلا أنه لا يأثم بالفطر للعذر كالمرض والسفر ونحوهما، ويجب القضاء قبل حلول رمضان التالي لرمضان الذي حصل فيه الفطر، فإن أخر القضاء من غير عذر حتى جاء رمضان فعليه مع القضاء كفارة التأخير عن كل يوم أخر قضاءه، وهي مبينة في الفتوى رقم: 162419.
ولا يجوز الانتقال إلى الإطعام بدلا عن القضاء إلا في حالة المرض المزمن الذي لا يرجى برؤه عادة، أو حالة الكبر في السن بحيث لا يستطيع الشخص الصيام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 78188.
ومن لم يكن عنده من الطعام ما يطعم به اشتراه وأطعم، إذ ليس بالضرورة أن يكون الطعام عند المكفر، ولا يجزئ في الإطعام دفع ثمنه ولا إعطاء حليب ونحوه مما لا يعتبر إطعاما بناء على القول بعدم إجزاء القيمة في الكفارات والزكوات، أما على القول بجواز إخراج القيمة عما ذكر فلا مانع من إعطاء ثمن الإطعام لا سيما إذا كان في مصلحة أو حاجة للفقراء، وللوقوف على أقوال العلماء في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم:101756
ثم إن كفارة التأخير لا تتكرر بتكرر التأخير، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 67464.
والله أعلم.