مخاطبة الوالدين ليس كمخاطبة غيرهما

0 342

السؤال

من فضلكم أريد أن أعرف بخصوص بر الوالدين هل إذا طلبت أمي مني شيئا ولم أفعله يعد عقوقا؟ مع العلم أنها لا تغضب علي لعدم فعله
والمعروف: ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما ـ فأنا أعامل أمي كأنها صديقتي فنتحدث كثيرا وأحيانا يعلو صوتي وأصرخ خصوصا إذا عبث إخوتي بأغراضي أو أدخلت هي أي شيء إلى الغرفة فلا أطيق ذلك وأحب أن تكون كل أغراضي مرتبة، فهل يعد هذا من العقوق؟ وأبي يقول لي إنه لو طلب مني مثلا أن أحرك الكأس ولو قليلا ولم أفعل يعد من العقوق، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحا فعلى هذه الحال سأدخل جهنم مباشرة، فهل كلام الأهل مقدس لهذه الدرجة وإذا لم أفعله يعد كبيرة من الكبائر وعقوقا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق الوالدين عظيم، وطاعتهما في المعروف واجبة، فلا يجوز لك مخالفة والديك في أمر ينتفعان به ولا يضرك، قال ابن تيمية: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.

وإذا تأذى الوالدان بمخالفة أمرك كان ذلك عقوقا ـ والعياذ بالله ـ وهو كبيرة من الكبائر، قال الهيتمي: كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين أي عرفا، ويحتمل أن العبرة بالمتأذي.

والواجب عليك التوبة مما ذكرت أنه يقع منك من رفع صوتك على أمك والحرص على مخاطبتها بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، قال تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا { الإسراء: 23،24}.

قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب: كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

واعلمي أن التوبة تمحو ما قبلها وأنك إذا حرصت على بر والديك وجاهدت نفسك على ذلك ثم حصل منك بعض التقصير، فإن ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا { الإسراء:25}.

قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة