نصائح لمن ابتلي بالأمراض وتداوى فلم يشفَ

0 1397

السؤال

أنا ـ وأعوذ بالله تعالى من كلمه أنا ـ أشكو من 7 أمراض فعلت الأسباب لكي أتعالج منها ولكن لا جدوى فرضيت بالله ربا وبحكمه عدلا حيث إنني أعلم أن الذي بيده شفائي هو الله تعالى وأن هذه الأمراض مقدرة لي قبل خلق السموات والأرض ب 50 ألف سنة مصداقا لما جاء في الحديث، ذهبت إلى أحد الأطباء فقال لي من الممكن علاج بعض الأمراض بقدر الله إذا كانت عظام الطول لديك في يدك ورجليك لم تغلق بعد بطريقة علمية جراحية مدروسة ومعتمدة، أما إذا كانت العظام أغلقت فلا أستطيع فعل شيء لك وأنا على يقين أن هذا الدكتور لن يستطيع مساعدتي في شيء إلا بأمر من الله تعالى ولكن لا بد لي من فعل الأسباب لكي أرضى بالمقسوم، قال تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ـ فأنا شاب عمري 24 ومتأكد أن عظام الطول لدي قد أغلقت، لأنني تجاوزت مرحلة النمو هذا لأنني قد أجريت اختبار العظام في أكثر من مستشفى فكانت الإجابه واحدة لا غير أن العظام قد أقفلت من جميع المستشفيات، والسؤال يكمن في 3 نقاط هي:
1ـ هل إذا دعوت الله تعالى بأن يفتح عظام النمو عندي بعد غلقها يعتبر هذا الدعاء من التعدي على الله تعالى، إذ إنني أطلب شيئا خارقا للعادة؟.
2ـ هل إذا تحققت استجابة الدعاء تعتبر من المعجزات؟ أم من الكرامات؟ أم ماذا؟ إذ إن هذا الشيء خارق للعادة في الواقع البشري ولكن لا شيء يستحيل على الله تعالى.
3ـ هل أتوقف عن الدعاء في هذه الحاجة؟.
ويكتفى في الجواب عن السؤال بنعم أو لا إذا كان السؤال طويلا.
علما بأنني أعلم أن الله تعالى لا يقدر هذا عبثا وأن من وراء هذا الشيء حكمة لا أعلمها وموقن بالإجابة وإلا ما دعوت كثيرا مع أنني أعلم أن هذا الشيء في الواقع البشري لم يحصل إلا أن الله فعال لما يريد، أفتوني جزاكم الله خيرا وجعلكم من الذين تبيض وجوهم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، علما بأن معظم هذه الأمراض مستعصية ومتعلقة بالطول وعظام الطول.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع حرم الاعتداء في الدعاء، كما في قوله تعالى: ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين {الأعراف: 55 }.

ومن الاعتداء طلب ما هو مستحيل شرعا أو طبعا، والمراد بقول أهل العلم بمنع طلب المستحيل هو طلب ما كان يستحيل حصوله عادة حسب نظام السنن الكونية العادية، وليس المراد به أن الله تعالى يستحيل عليه فعل أي شيء، فهو سبحانه لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض، فهم يمثلون لطلب المحال بطلب الولد من دون زواج وطلب الاستغناء عن الطعام والشراب والتمكين من الطيران، وهذا ليس محالا على الله فعله فقد رزق مريم ـ عليها السلام ـ ابنا من دون زواج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات، وتارة يسأل ما لا يفعله الله مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية، من الحاجة إلى الطعام والشراب، ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدا من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله. اهـ.

وبناء عليه، فما تؤكد من استحالته ينبغي ترك طلبه ولكنه ينبغي أن تسأل الله تعالى الشفاء وأن يهدي الأطباء لعلاجك، فإن من رحمة الله تعالى بعباده أنه ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، وهذا ما يتضح في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بذلك حيث قال: تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء، إلا داء واحد، قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم. رواه أصحاب السنن.

فعيلك بمواصلة البحث عن العلاج والدعاء بالشفاء، وتحر في دعائك أوقات الإجابة الفاضلة، كثلث الليل الآخر وقت النزول الإلهي، وفي السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الصيام وعند الفطر في اليوم الذي تصوم فيه، فالدعاء من أعظم أسباب الدواء والوقاية، فإن الدعاء يرفع البلاء وينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما يدل له دعاء القنوت في السنن وصحيح ابن حبان وفيه: وقنا شر ما قضيت.

وفي الحديث: لا يرد القضاء إلا الدعاء. رواه الترمذي.

وفي الحديث: لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة. رواه الحاكم وحسنه الألباني.

ونوصيك بعدم اليأس من رحمة الله واستجابة الدعاء، ففي صحيح مسلم: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل.

فواصل البحث عن أسباب الشفاء، فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل معه شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله، ففي الحديث: تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء، غير داء واحد الهرم. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني والأرناؤوط.

وعليك بالإكثار من شراب زمزم واقرأ عليه قبل الشرب فاتحة الكتاب، فإن فيهما نفعا عظيما مجربا، كما ذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد المعاد فقد قال في كلامه على الفاتحة: ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه، وفقدت الطبيب والدواء فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مرارا، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع.

وعليك بالإكثار من الصدقات على المحتاجين وتفطير الصائمين لعل دعوات صالحة منهم تفيدك ـ بإذن الله ـ وقد ذكر البيهقي في شعب الإيمان: أن عبد الله بن المبارك ـ رحمه الله ـ سأله رجل يا أبا عبد الرحمن قرحة خرجت في ركبتي منذ سبع سنين وقد عالجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع به، فقال: اذهب فانظر موضعا يحتاج الناس إلى الماء فاحفر هناك بئرا فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرئ.

قال البيهقي: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله ـ رحمه الله ـ فإنه قرح وجهه وعالجه بأنواع المعالجة فلم يذهب وبقي فيه قريبا من سنة، فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة فدعا له وأكثر الناس التأمين، فلما كان من الجمعة الأخرى ألقت امرأة رقعة في المجلس بأنها عادت إلى بيتها واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول لها: قولوا لأبي عبد الله يوسع الماء على المسلمين، فجئت بالرقعة إلى الحاكم أبي عبد الله فأمر بسقاية الماء فيها وطرح الجمد في الماء، وأخذ الناس في الماء فما مر عليه أسبوع حتى ظهر الشفاء وزالت تلك القروح وعاد وجهه إلى أحسن ما كان وعاش بعد ذلك سنين. اهـ.

وعليك بالحفاظ على أذكار الصباح والمساء، وسؤال الله العافية، فحافظ على قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلات مرات مساء وصباحا، ففي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.

واحرص على تكرار حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات عند المساء والصباح، ففي الحديث: من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سبع مرات، كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة. رواه ابن السني وصححه الأرناوؤط.

وواظب على صلاة أربع ركعات أول النهار، ففي الحديث القدسي: يا ابن آدم: صل أربع ركعات أول النهار أكفك آخره. رواه أحمد وابن حبان والطبراني، وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.

وواظب على الأدعية المأثورة في رفع البلاء والدعاء بالاسم الأعظم ودعاء يونس، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في أوقات الشدة والأزمات، ويسأل الله تعالى أن يرفع البلاء، ويشفي ويذهب البأس، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ كما في صحيح مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو للمريض ويقول: اللهم رب الناس، أذهب الباس واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما.

وفي مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.

وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج الله عنه: كلمة أخي يونس عليه السلام لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. والحديث رواه الترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص.

وفي سنن أبي داود وسنن ابن ماجه من حديث أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب أو في الكرب: الله، الله ربي لا أشرك به شيئا.

وروى أحمد وغيره عن ابن مسعود ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا قال: فقيل: يا رسول، ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.

وأخرج أحمد وأبو داودعن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.

وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم.

وإذا خرق الله تعالى العادة لعبد من عباده مع صلاح هذا العبد فهذا يعتبر كرامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات