هل يحاسب المسلم على كافة الأحكام الشرعية أم على ما علمه منها

0 328

السؤال

هل يحاسب المسلم على ما علم من الشريعة؟ أم يحاسب على أساس كافة الكليات والأحكام الشرعية؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فمن رحمة الله تعالى بعباده أنه لا يحاسبهم إلا على ما بلغهم من الشرع، فما لم يبلغ العبد من أمر تركه أو نهي فعله فليس مؤاخذا بذلك ما دام الشرع لم يبلغه، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله: وأصل هذا: أن حكم الخطاب، هل يثبت في حق المكلف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره، قيل: يثبت، وقيل: لا يثبت، وقيل: يثبت المبتدأ دون الناسخ، والأظهر أنه لا يجب قضاء شيء من ذلك، ولا يثبت الخطاب إلا بعد البلاغ، لقوله تعالى: لأنذركم به ومن بلغ وقوله: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، ولقوله: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ـ ومثل هذا في القرآن متعدد، بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدا حتى يبلغه ما جاء به الرسول، ومن علم أن محمدا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرا مما جاء به لم يعذبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلاغ أولى وأحرى، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المستفيضة عنه في أمثال ذلك. انتهى.

وقد بسط الشيخ بعد هذا الكلام أدلة ما ذكره من السنة فشفى وكفى ـ رحمه الله ـ فإذا تبين لك هذا، فإن من قصر في تعلم ما يلزمه تعلمه من أحكام الشرع كان آثما، فإنه يجب على كل مسلم أن يتعلم ما يتعين عليه تعلمه شرعا، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله:  الذم إنما يقع على من تبين له الحق، وأما الجاهل فهو معذور بجهله إذا لم يقصر في طلب العلم. انتهى.

وقد قال الشيخ عز الدين ابن عبد السلام ـ رحمه الله ـ في من فعل مختلفا في تحريمه من غير سؤال أهل العلم: إنه آثم من جهة أن كل أحد يجب عليه أن لا يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله تعالى فيه، وهذا أقدم غير عالم فهو آثم بترك التعلم، وأما تأثيمه بالفعل نفسه، فإن كان مما علم من الشرع قبحه أثمناه وإلا فلا. انتهى بواسطة نقل القرافي عنه.

فإذا كان هذا في من فعل ما اختلف فيه، فمن فعل ما اتفق على تحريمه أو ترك ما اتفق على وجوبه مقصرا في التعلم أولى بالإثم، وتنظر للفائدة الفتوى رقم: 170405.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات