السؤال
منعت زوجتي من كلام شخص قريب لها في التليفون فقلت لها: علي الطلاق بالثلاثة مانت مكلماه ـ فلم تسمع اليمين واتصلت به ولكن لسوء الشبكة في وقتها لم يحدث أي كلام مطلقا بينهما وفصل الخط سريعا، أرجو الرد لحساسية الموقف.
منعت زوجتي من كلام شخص قريب لها في التليفون فقلت لها: علي الطلاق بالثلاثة مانت مكلماه ـ فلم تسمع اليمين واتصلت به ولكن لسوء الشبكة في وقتها لم يحدث أي كلام مطلقا بينهما وفصل الخط سريعا، أرجو الرد لحساسية الموقف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق المعلق بشرط لا يقع إلا بحصول المعلق عليه، جاء في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي: وإن علق زوج طلاقا بشرط لم تطلق قبل وجوده ـ أي الشرط، لأنه زوال ملك بني على التغليب والسراية أشبه العتق. انتهى.
فإن كان الحال على ما ذكر من أن الزوج قد حلف بالطلاق الثلاث على زوجته ألا تكلم شخصا معينا فأرادت الاتصال به هاتفيا ولكنها لم تتمكن من ذلك لسوء الشبكة فإن الطلاق لم يقع لعدم حصول المعلق عليه وهو كلام الزوجة للشخص المذكور لا فرق في هذا الحكم بين سماع الزوجة يمين زوجها أم لا، وعلى افتراض أن الزوجة قد صدر منها كلام للشخص المحلوف عنه لكنه لم يسمعه لسوء شبكة الاتصال، فالظاهر ـ والله تعالى أعلم ـ أن الحنث يكون قد حصل، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وكذلك يحنث الحالف إذا كلم المحلوف عليه ولو لم يسمعه لصمم أو نوم مستثقل أو اشتغال بكلام غيره؛ لكن يشترط أن يكون الحالف في مكان يسمع فيه كلام المحلوف عليه عادة لولا المانع. انتهى
وفى أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي متحدثا عن تعليق طلاق الزوجة على كلام شخص معين: فإن كلمته بحيث يسمع لكنه لم يسمع لذهول منه أو لشغل أو لغط ولو كان لا يفيد معه الإصغاء طلقت، لأنها كلمته وعدم السماع لعارض. انتهى.
وفي المغني لابن قدامة الحنبلي: فإن حلف لا يكلم إنسانا فكلمه بحيث يسمع فلم يسمع لتشاغله أو غفلته حنث، لأنه كلمه وإنما لم يسمع لغفلته أو شغل قلبه. انتهى.
وعند بعض أهل العلم كالشافعية أن الزوجة إذا كانت مبالية بتحنيثك ـ بحيث لو علمت بيمينك لما أحنثتك ـ ولم تعلم بتعليق الطلاق على كلام الشخص المذكور وقصدت أنت بتعليقك الطلاق منعها من تكليم الشخص المذكور لا مجرد تعليق الطلاق فإن الطلاق لا يقع في هذه الحالة، جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: وإن لم يقصد منعه أو حثه أو كان ممن لا يبالي بتعليقه كالسلطان والحجيج أو لم يعلم به ففعله كذلك طلقت، لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع أو حث، لكن يستثنى من كلامه كالمنهاج ما إذا قصد مع ما ذكر فيمن يبالي به إعلامه به ولم يعلم به فلا تطلق كما أفهمه كلام أصله وجرى هو عليه في شرح الإرشاد تبعا لغيره وعزاه الزركشي للجمهور. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 131854.
والظاهر من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أيضا عدم الحنث في هذه الحالة حيث قال في الفتاوى الكبرى: ولو حلف على نفسه أو غيره ليفعلن شيئا فجهله أو نسيه فلا حنث عليه، إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه لعدم العلم أو لعدم القدرة، ويتوجه فيما إذا نسي اليمين بالكلية أن يقضي الفعل إن أمكن قضاؤه وإن لم يعلم المحلوف عليه بيمين الحالف فكالناسي. انتهى.
فعلى القول بعدم الحنث فالأمر ظاهر، وعلى القول بالحنث يترتب وقوع الطلاق ثلاثا عند الجمهور وبذلك تحرم عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا ـ نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول.
والله أعلم.