السؤال
ماذا يعني أن الإصرار على الصغيرة كبيرة؟ وهل هذا الكلام صحيح؟ مع ذكر الدليل؟
وفي مسألة حلق اللحى (وهي من الصغائر) إذا حلقتها ولكن واظبت على الاستغفار هل تغفر ذنوبي؟
وكيف تكفر الصغائر؟
وشكراااا.
ماذا يعني أن الإصرار على الصغيرة كبيرة؟ وهل هذا الكلام صحيح؟ مع ذكر الدليل؟
وفي مسألة حلق اللحى (وهي من الصغائر) إذا حلقتها ولكن واظبت على الاستغفار هل تغفر ذنوبي؟
وكيف تكفر الصغائر؟
وشكراااا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكون الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة كلام صحيح، قال شيخ الإسلام: ويقال اللمم أن يلمم بالذنب الصغير مرة من غير إصرار لأن من أصر على الصغيرة صارت كبيرة؛ كما في الترمذي: لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار. انتهى.
وروى ابن ماجه وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله طالبا. قال القاري في المرقاة: ومحقرات الذنوب أي: صغائرها وخص بها فإنه ربما يسامح صاحبها فيها بعدم تداركها بالتوبة، وبعدم الالتفات بها في الخشية غفلة عنه أنه لا صغيرة مع الإصرار، وأن كل صغيرة بالنسبة إلى عظمة الله وكبريائه كبيرة، والقليلة منها كثيرة. انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: فالمحسن هو من لا يأتي بكبيرة إلا نادرا ثم يتوب منها، ومن إذا أتى بصغيرة كانت مغمورة في حسناته المكفرة لها، ولا بد أن لا يكون مصرا عليها، كما قال تعالى: {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} [آل عمران: 135] وروي عن ابن عباس أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار، وروي مرفوعا من وجوه ضعيفة. وإذا صارت الصغائر كبائر بالمداومة عليها، فلا بد للمحسنين من اجتناب المداومة على الصغائر حتى يكونوا مجتنبين لكبائر الإثم والفواحش. انتهى.
وقد روى أحمد وغيره من حديث سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه. وصححه الألباني.
وبما مر من الأدلة وكلام العلماء تعرف صحة القول بأن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة، فالواجب على المسلم أن يتحرز من الذنوب صغيرها وكبيرها،
وما أحسن ما قال ابن المعتز:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها فهو التقى
واصنع كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
وأما حلق اللحية فهو وإن كان من الصغائر لكن الإصرار عليه ينزله منزلة الكبائر كما مر، وانظر الفتوى رقم: 98610 ، والاستغفار بمجرده من غير توبة نصوح مستوفية لشروطها والتي منها الإقلاع عن الذنب لا يستلزم تكفير الذنب وإن كان قد يغفر به الذنب بفضل الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 123668 ، والصغائر تكفر بأمور منها اجتناب الكبائر والتي منها الإصرار كما مر بك في كلام ابن رجب رحمه الله. وتكفرها كذلك الحسنات الماحية والمصائب المكفرة وشفاعة الشافعين بإذن الله، ورحمة أرحم الراحمين تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يوفقنا جميعا لما فيه رضاه وأن يجنبنا المعاصي بمنه وكرمه.
والله أعلم.