السؤال
أولا أشكركم علي مجهودكم الرائع في هذا الموقع الجميل، ومشكلتي هي أنني شاب عندي 19 سنة في الجامعة وعندي تشوه في رأسي
وعقلي سليم بفضل الله وأشعر بالحزن والأسي عندما أري نفسي في المرآة ويزداد حزني أكثر بسبب نظرات الناس إلي، وتختلف نظراتهم من سخرية أو استهزاء أو إشفاق، وهذا يحبطني ويجعلني أكره نفسي ويشعرني بالآلام، ولتفادي تلك النظرات ألبس الكاب أو الطاقية حتي لا ينظر أحد إلي أو ألازم المنزل، ومع ذلك فأنا راض بقضاء الله وقدره، ولكن نظرات الناس ما يؤرقني، أرجوكم أفيدوني في أمري جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالرضى بقضاء الله وقدره وعدم الاعتراض على قدر الله، والواجب على المسلم أن يعتقد أن كل ما يجري في هذا الكون هو بقدر الله تعالى وقضائه، وأنه تعالى له فيه الحكمة البالغة، وأن يسلم بحكم الله تعالى ويرضى بقدره، ولا يعترض على شيء منه، فإذا رضي الإنسان وسلم لحكمة الله التامة في قضائه، كان من الثمرات الجليلة لذلك: راحة البال وطمأنينة النفس، وثبات القلب وزيادة الإيمان بالله والقناعة بما قسم، وانظر الفتوى رقم: 152715، للمزيد من الفائدة.
وننصحك بأن تصرف عنك الشعور بالنقص وبالتلهي عنه وصرف القلب عنه بشغل النفس فيما يفيد من تعلم وعمل صالح فكم كان في علماء السلف من أعور وأعرج وأعمى وأعمش وأشل وأصم ومع ذلك رفع الله قدرهم بالعلم وأعزهم وأعلى شأنهم بين الناس، واحذر الانفراد بنفسك، فإن ذلك من أسباب تسلط الشيطان عليك ولكن ابحث عن صحبة صالحة يساعدوك في مدارسة العلم الشرعي والدعوة إلى الله تعالى، وعليك بالمواظبة على الالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الإجابة، وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف ما بك فهو مجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين، قال الله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل:62}.
وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.
وحذار من الاستعجال واستبطاء الاجابة واليأس من رحمة الله، فقد قال الله تعالى: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87}.
وقال تعالى: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون {الحجر:56}.
وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل.
ولا تنس أن الاستجابة قد تحصل بتحقيق المراد للعبد حالا وقد تحصل بالادخار له في الآخرة، أو بصرف البلاء عنه، ففي المسند من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر.
ومن الأدعية المهمة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحا، فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد، وصححه الألباني.
والله أعلم.