السؤال
لدي سؤلان:
الأول: كنت أرملة، ولدي طفلان، ولدينا تقاعد من زوجي المتوفى ـ والحمد لله ـ تزوجت، وزوجي في مقام والدهما وهو الذي يتكفل بهما وأريد أن تذهب والدتي بهذا التقاعد إلى العمرة، فهل يجوز ذلك؟ أم يعتبر من مال اليتامى؟.
الثاني: هل يحاسب الله الإنسان إذا تحدث مع نفسه ـ ولم يبح بذلك لأحد ـ بسوء أو بغيبة شخص؟ ولك مني جزيل الشكر والاحترام.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمال الأولاد القصر ـ سواء كان من راتب التقاعد أو غيره، وسواء كانوا أيتاما أو غير أيتام ـ لا يجوز لأمهم أن تتولى التصرف فيه إذا لم تكن وصية من قبل الأب أو معينة من قبل الحاكم، لأن الأم ليس لها ولاية على مال أولادها الصغار في الأصل، وإنما الولاية للأب إن كان حيا, وإن كان الأب ميتا كانت ولاية المال على أولاده الصغار لوصي الأب ثم لوالده ـ أي جد الأولاد ـ ثم لمن يعينه الحاكم على تفصيل ذكرناه في الفتويين رقم: 37701، ورقم: 28545.
ولا يجوز للولي أو الوصي أن ينفق من مال الصغار في عمرة جدتهم أو في حج، لأنه لا يجوز له أن يهب من أموالهم شيئا، بل الواجب عليه حفظ المال وإنفاقه على الصغير نفسه, والتصرف في المال بما فيه الأحظ للصغير, قال الصاوي: ويتصرف الولي على المحجور ـ وجوبا ـ بالمصلحة العائدة على محجوره، حالا أو مآلا. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في أنه لا يجوز للولي أن يتصرف في مال المحجور إلا على النظر والاحتياط، وبما فيه حظ له واغتباط، لحديث: لا ضرر ولا ضرار ـ وقد فرعوا على ذلك أن ما لا حظ للمحجور فيه كالهبة بغير العوض والوصية والصدقة والعتق والمحاباة في المعاوضة لا يملكه الولي، ويلزمه ضمان ما تبرع به من هبة أو صدقة أو عتق، أو حابى به، أو ما زاد في النفقة على المعروف، أو دفعه لغير أمين، لأنه إزالة ملكه من غير عوض فكان ضررا محضا. اهـ.
والجدة ليست كالأب الذي يجوز له الأخذ من مال ولده بدون إذنه بما لا يضره, قال ابن قدامة في المغني: وليس لغير الأب الأخذ من مال غيره بغير إذنه... اهـ.
ولهذا لا يدفع شيء من أموال الصغير في نفقة عمرة جدته, ولو أن الولي أو الوصي قام بإعطاء جدة اليتامى من أموالهم لتحج أو تعتمر فإنه قد فعل ما لا يجوز له، ويلزمه ضمان ذلك المال.
وأما عن السؤال الثاني: فإن حديث النفس لا يؤاخذ به العبد، ولا يترتب عليه إثم، لحديث: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري والنسائي وغيرهما.
قال الكرماني: في الحديث أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات والعملي في العمليات. اهـ.
وقال الغزالي في الإحياء: فأما الخواطر وحديث النفس فهو معفو عنه. اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 9045، عن كيفية توزيع راتب التقاعد.
وأيضا أطلعي زوجك على الفتويين رقم: 31965، ورقم: 59947، عن فضل كفالة اليتيم.
وفقكم الله لكل خير.
والله أعلم.