حكم منع الأبوين للابن من الاستقلال بنفسه

0 220

السؤال

أعلم أن طاعة الوالدين ليست واجبة إن كانت تضر الابن، ولا أدري إن كان الأمر كذلك بالنسبة لي، فأنا شاب في العشرين من عمري ولا زلت أدرس، لكنني أريد الخروج من البيت لكي أعتمد على نفسي، ووالداي يمنعاني، ويقولان حتى لو تخرجت ووجدت عملا فلن تخرج من البيت إلى أن تتزوج، وواجب عليك طاعتنا في ذلك، أريد أن أخبر فضيلتكم أنهما ليسا في حاجة إلي، فهما ـ والحمد لله ـ قادران على تلبية حاجاتهما ولا زال لديهم ثلاثة أبناء غيري في حالة الحاجة، فالمسألة ليست احتياجا، بل فرض سلطة، وأصبح الأمر يضايقني حيث أريد أن أستقل بنفسي ورأيي، وهما لا يسمحان بذلك، حيث يريدان التدخل في كثير من الأمور التي أنا أعلم بها منهم، كما أنهما لا يزالان يريدان تدليلي، وأنا لا أرضى بهذا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فمال والدي فيه حرام ولا أريد أن آكل منه، ووالدي أيضا يلجأ إلى كتب مثل شمس المعارف الكبرى، وقد نصحته من قبل أن السنة أفضل من ذلك، لكنه أبى الاستماع إلي وقال لي إن الكتب تحوي قرآنا وأسماء الله ولا يمكن أن تضر، وقرأت مؤخرا أنها من كتب السحر، ولو أخبرته بذلك فسيغضب وينهرني، ولن يصدق ولو أتيته بالحجة وهو رجل طيب، ويؤدي فرائضه، لكنه لا يميز بين الحق والباطل ولا يستمع إلي، وهذا الأمر ينطبق على معظم الجيل السابق في بلدنا، فقد تربوا على القمع وعدم الاستماع، ولا نصيحة تنفع معهم، حيث إن جيلنا لم يعد يريد محاولة نصحهم، وسؤالي هو: هل يجوز لي الخروج من البيت لسبب من السببين الذين ذكرتهما؟ وأيهما يجيز ذلك؟ أريد أن أخبر فضيلتكم أنه أصبح يضيق صدري في بيتنا وينشرح كلما خرجت منه، وأصبحت أذهب عند خالتي، وأرتاح عندها كثيرا، فهي تسكن وحدها، فأؤنس وحدتها هناك، كما أنني أقوم الليل عندها، لكنهما سريعا ما يجبراني على الرجوع، مع العلم أنني لا أقطعهما، لكنهما يقولان إنهما يريدان أن يبقى ابنهما تحت أيديهما، ويقولان إن أردت أن تكون عاقا فافعل ما شئت، أفيدوني رحمكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلك أن تستقل وتخرج عن أبويك إذا شئت، وليس لهما أن يمنعاك من الخروج لمجرد بسط السيطرة دون أن يكون لهما في ذلك غرض معتبر شرعا، كأن يخشيا عليك بالخروج تلفا، أو سفها، لأن الولد إذا بلغ الحلم صار أملك بنفسه من أبويه، جاء في المدونة: قلت: أريت إذا احتلم الغلام أيكون للوالد أن يمنعه أن يذهب حيث شاء؟ قال: قال مالك: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، وليس للوالد أن يمنعه، قال ابن القاسم: إلا أن يخاف من ناحيته سفها، فله أن يمنعه. اهـ.

أما ما ذكرت من أن بعض مال أبيك حرام: فليس مانعا من الأكل معه ولا الانتفاع بما يعطي، وإن كان التنزه عنه إذا كان الغالب عليه الحرام أولى، ولك أن تراجع الفتوى رقم: 133697.

وأما قراءة أبيك لشمس المعارف وما كان على منواله من الكتب: فمحرمة لا تجوز، وراجع الفتوى رقم: 15070.

وختاما لهذا الجواب نقول: الأصل أنه يجوز لك أن تخرج من بيت أبويك وتستقل عنهما ما دام منعهما لك من ذلك لغير غرض معتبر شرعا، ولست ـ والحالة هذه ـ عاقا لهما بذلك، لكن ينبغي أن تتمهل في أمرك ولا تستعجل الشيء قبل إبانه، فقد ترى ـ بحكم الحداثة في السن ـ حسنا ما ليس بالحسن، وشأن الأبوين أنهما غير متهمين على الولد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة