السؤال
لم أكن أعلم أنه يشترط ليتم الاقتداء بالإمام العلم بتحركاته، وكنت أعتقد أنه يجب أن يسمع المأموم صوت إمامه حتى يكون مقتديا به، والسؤال: كنت أصلي مع جماعة ثانية في المسجد، وكان إمام المسجد يخطب بعد الصلاة، وأثناء الصلاة لم أتمكن من سماع بعض تكبيرات الانتقال, ولكنني تجاهلت الأمر ومضيت في صلاتي بنية الاقتداء، حيث كنت أسمع جزءا من التكبير دون جزء، وفي إحدى تكبيرات الانتقال لم أسمع تكبير الإمام إطلاقا، وهنا شككت أنه لا يصح أن أقتدي بالإمام دون سماع صوته، فقررت أن أكبر بنية التكبير لنفسي لكي تصح صلاتي, ولا أدري في الواقع هل نويت الانفراد بالصلاة أم لا، مع العلم أنني كنت أتابع الإمام وأقتدي به حتى سلامه من الصلاة, وقلت في نفسي أثناء الصلاة: لو أنني نويت الانفراد بالصلاة لأكملت الصلاة وحدي، وتساءلت أيضا كيف أكبر لنفسي فقط, أعني أنه لا بد أن أكبر سواء كنت منفردا أو مقتديا، فعدلت عن كل ذلك, وقلت إنني: لا زلت مقتديا بالإمام وأتممت صلاتي معه، فهل صلاتي صحيحة؟ مع العلم أنني لا أذكر هل أعدتها أم لا؟ ولا أذكر أيضا هل كانت عصرا أو مغربا أو عشاء؟ فهل أقضي تلك الصلوات الثلاث جميعا احتياطا؟ علما أني آخذ بقول ابن تيمية أنه من ترك واجبا من واجبات الصلاة جهلا فلا تلزمه الإعادة، فهل يجوز تغيير النية من اقتداء إلى انفراد ثم إلى اقتداء؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشترط لصحة اقتداء المأموم بإمامه أن يكون عالما بانتقالاته، ومعلوم أن المشاهدة أبلغ في العلم بذلك من السماع, وقد فصلنا مذاهب الفقهاء في شروط الاقتداء بالإمام في المسجد وخارجه في الفتوى رقم: 9605.
وأما بخصوص سؤالك: فحاصله أنك نويت الانفراد عن الإمام في جزء من الصلاة, ثم عدت إلى نية الاقتداء به، فإن كنت قد نويت مفارقته لتعذر الاقتداء به سماعا ومشاهدة، فهذا صواب، ثم إذا تمكنت من الاقتداء بعد ذلك فيجوز لك أن تعود إلى الاقتداء به، وتكون صلاتك صحيحة طالما أتيت بها كاملة الأركان، قال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: فإن زال عذر مأموم فارق إمامه فله الدخول معه، وفي الفصول: يلزمه لزوال الرخصة.
وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع: إذا انفرد المأموم لعذر، ثم زال العذر، فهل له أن يرجع مع الإمام أو يستمر على انفراده؟ قال الفقهاء: يجوز أن يرجع مع الإمام، وأن يستمر على انفراده.
ومن ذلك يتبين أنه يجوز تغيير النية من اقتداء إلى انفراد لعذر، ثم إلى اقتداء إذا زال العذر، وانظر الفتوى رقم: 93319.
أما إن فارقته مع تمكنك من متابعته بمشاهدته, أو مشاهدة بعض المأمومين فهذا خطأ؛ لما ذكرنا من كون المشاهدة أبلغ في الاقتداء من السماع، وعلى ذلك فمفارقتك له كانت بدون عذر شرعي جهلا، وقد اختلف العلماء في الجاهل هل يلحق بالناسي أم بالعامد؟ فعلى القول بإلحاق الجاهل بالناسي تصح صلاتك ولا إعادة، وأما على القول بإلحاقه بالعامد، فإن صلاتك باطلة وعليك إعادتها، وانظر لمزيد الفائدة عن مذاهب العلماء في العذر بالجهل الفتوى رقم: 102542، وما أحيل عليه فيها.
وانظر أيضا أقوال العلماء في مفارقة الإمام بدون عذر في الفتوى رقم: 136577.
وعلى القول بالبطلان فعليك إعادة الصلاة، وإذا كنت لا تدري هل أعدتها أم لا، فالأصل بقاؤها في ذمتك، وعليك إعادتها الآن.
وإذا كنت قد نسيت عينها فعليك أن تصلي الصلوات الثلاث حتى تبرأ ذمتك بيقين، وانظر الفتوى رقم: 173779.
وإذا كنت مقلدا للقائلين بالعذر بالجهل في تلك المسألة ونحوها فلا إعادة عليك.
والله أعلم.