كيف حصل للمشركين اليقين التام بصدق رسول الله؟ ولماذا كفروا مع علمهم؟

0 297

السؤال

كفر الكافرون بمحمد صلى الله عليه وسلم مع علمهم علما لا ينافيه أي شك أنه نبي من عند الله، وكانوا يتهمونه بالسحر، والشعر، والجنون، والكذب، مع علمهم التام بأنهم هم الكاذبون, لا هو صلى الله عليه وسلم, فكيف حصل لهم هذا اليقين التام بصدقه فيما يخبر صلى الله عليه وسلم, وأنه نبي من عند الله؟ ولماذا كفروا بالرغم من علمهم أنه نبي من عند الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

كثير ممن كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بنبوته كان الحامل لهم على الكفر كرههم للحق، كما قال تعالى: بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون {المؤمنون:70}، 

  قال السعدي: وكونهم كارهين للحق بالأصل هو الذي أوجب لهم التكذيب بالحق لا شكا، ولا تكذيبا للرسول .. اهــ.
ومنهم من كان الحامل له على الكفر الحسد والعناد, كحال أبي جهل, فقد ذكر المفسرون أن فيه نزل قوله تعالى: فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون {الأنعام:33}.

  جاء في أسباب نزول هذه الآية أن الأخنس خلا بأبي جهل فقال: يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد: أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا, فقال أبو جهل: ويحك! والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء، والسقاية، والحجاب، والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ فذلك قوله: فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.

واليهود حملهم الحسد على الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم.

جاء في أضواء البيان للشنقيطي - رحمه الله -: كان كفر اليهود جحودا بعد معرفة، فكانوا يعرفونه صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون، وقد سمي لهم فيما أنزل, كما قال عيسى عليه السلام: ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد. فلم ينفعهم بيان، ولكنه الحسد والجحود, كما بين تعالى أمرهم بقوله عنهم: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق". وقوله: "ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم". وقوله: "وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون". وقوله: "يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون". فقد كانوا جبهة تضليل للناس، وتحريف للكتاب، وتلبيس للحق بالباطل، كل ذلك عن قصد وعلم، بدافع الحسد ومناصبة العداء. اهــ.
وأما كيف حصل لهم اليقين: فإن سبب يقينهم بصدق نبوته هو المعجزات والبراهين التي جاءهم بها, فإن الله تعالى أيد أنبياءه ورسله بالبراهين الصادقة الدالة على نبوتهم كما قال تعالى: جاءتهم رسلهم بالبينات {الأعراف:101}،

قال السعدي: أي: بالأدلة الدالة على صدق ما جاءوا به، فلم يرسل الله رسولا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة