السؤال
يا شيخ: قد يعمل الشخص عملا يجعله من أهل النار، وفي المقابل يعمل عملا يجعله من أهل الجنة، فكيف حال هذا الشخص يوم القيامة؟.
يا شيخ: قد يعمل الشخص عملا يجعله من أهل النار، وفي المقابل يعمل عملا يجعله من أهل الجنة، فكيف حال هذا الشخص يوم القيامة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
فقد جاء مصرحا في هذا الحديث أن من سبق عليه الكتاب فختم له بعمل أهل الجنة أنه يدخلها، ومن سبق عليه الكتاب فختم له بعمل أهل النار أنه يدخلها، غير أن دخول النار قد يكون عن كفر فيخلد فيها، وقد يكون عن معصية فلا يخلد فيها، قال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في شرحه لصحيح مسلم عند هذا الحديث: ويدخل في هذا من انقلب إلى عمل النار بكفر أو معصية، لكن يختلفان في التخليد وعدمه، فالكافر يخلد في النار، والعاصي الذي مات موحدا لا يخلد فيها. انتهى.
وقال ابن رجب ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة ـ زاد البخاري في رواية له: إنما الأعمال بالخواتيم ـ وقوله: فيما يبدو للناس ـ إشارة إلى أن باطن الأمر يكون بخلاف ذلك، وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خفية من خصال الخير، فتغلب عليه تلك الخصلة في آخر عمره، فتوجب له حسن الخاتمة، قال عبد العزيز بن أبي رواد: حضرت رجلا عند الموت يلقن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول، ومات على ذلك، قال: فسألت عنه، فإذا هو مدمن خمر، فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته ـ وفي الجملة: فالخواتيم ميراث السوابق، وكل ذلك سبق في الكتاب السابق، ومن هنا كان يشتد خوف السلف من سوء الخواتيم، ومنهم من كان يقلق من ذكر السوابق، وقد قيل: إن قلوب الأبرار معلقة بالخواتيم، يقولون: بماذا يختم لنا؟ وقلوب المقربين معلقة بالسوابق، يقولون: ماذا سبق لنا. انتهى.
والله أعلم.