السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....سؤالي هو:هل سيحاسب الإنسان على ما فعل بإنسان آخر في الدنيا كأن ضربه مثلا وتسبب له بالمرض نتيجة معاناة من مرض نفسي ولم يقصد أذيته وندم على ما فعل ويندم يوميا في كل صلاة لأن الشخص عزيز عليه جدا جدا جدا ولم يعلم أحد سوى هذين الشخصين. فهل يوم القيامة يفضح هذا الإنسان أمام البشر عن ما فعل في هذه الدنيا الفانية أم سيستر الله عليه في الدنيا والآخرة ويكون الحساب بينه وبين الله سبحانه وتعالى فقط ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت النصوص الشرعية الكثيرة بإثبات المقاصة بين العباد يوم القيامة فيما كان بينهم من المظالم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته. فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه. أخذ من خطاياهم فطرحت عليه. ثم طرح في النار". رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة. رواه البخاري.
فهذه النصوص وأمثالها كثير تدل على أن المظلوم يلقى ظالمه، ويأخذ منه حقه لا محالة، فعلى المسلم أن يتحرز أشد التحرز من حقوق العباد، فإن الله عز وجل يقول: وقد خاب من حمل ظلما [طـه:111].
ومن وقع في شيء من ذلك في الدنيا، ثم من الله عز وجل عليه بالهداية إلى التوبة، فعليه أن يعلم أن شروط توبته رد المظالم والتحلل منها، فمن ضرب مسلما بغير حق وأراد أن يتوب، فعليه أن يمكن المضروب من نفسه ليقتص لنفسه أو يعفو، فإذا حصل أحد هذين الأمرين، فقد تحلل من هذه المظلمة، وبقي عليه أن يستوفي باقي شروط التوبة، وهي الندم على ما فات، وترك الذنب في الحال، والعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل.
والله أعلم.