السؤال
قرأت في كتاب إحياء علوم الدين الكثير عن ذم المال وقد وهبنا الله مبلغا من المال وأنصح زوجي التصدق به كله خشية من حساب الله يوم القيامة لكنه يرفض وأنا في رهبة كبيرة من حساب الله علما بأننا نتصدق كثيرا ولكن كثرة المال تؤدي إلى كثرة الإنفاق في الترف فأرجو أن تدلوني إلى الطريق الصحيح جزاكم الله كل الخير....
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فللشخص حرية التصرف في كل ماله حال صحته، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد تبرع كثير من الصحابة بغالب أموالهم، ومنهم من تبرع بماله كله، وأقرهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وهذا النوع من الإنفاق داخل تحت عموم قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم [البقرة:254].
وقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم [البقرة:267].
وغير ذلك من الآيات التي تحث على الإنفاق، لكن الأفضل أن يراعي المرء حال نفسه وورثته، فإن وجد أن التبرع بكل المال يضر به أو بورثته فالأفضل في هذه الحالة أن يبقي من ماله ما يندفع به هذا الضرر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك، فقلت: يا رسول الله، أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف، فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به درجة ورفعة، ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون. رواه البخاري.
فإن تبرع المرء بكل ماله مع حاجته إلى المال من باب الإيثار، فهذا مما ندب إليه الشرع، كما قال عز وجل: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [الحشر:9].
وراجعي في هذا الفتوى رقم:
21316.
وننبه الأخت السائلة إلى أن الإسراف والتبذير محرمان، وقد سبق الكلام عنهما في الفتوى رقم:
19064 والفتوى رقم:
20991.
ولمعرفة المزيد عن كتاب إحياء علوم الدين راجعي الفتوى رقم:
6784.
وعلى كل حال فالمال إذا أديت حقوقه الواجبة من الزكوات ومواساة المحتاجين فلا تضر كثرته، ولا تدل إلا على الخير -ن شاء الله- لقوله صلى الله عليه وسلم: نعم المال الصالح للرجل الصالح. رواه أحمد.
والله أعلم.