إرشادات للوالد المتعنت مع بناته بشأن الدراسة والعمل وتعلم الدين والزواج من المعارف

0 160

السؤال

عزمت على الذهاب إلى دار للتحفيظ دون موافقة والدي، بحجة أنه يخاف علي من التطرف! وهو شخص غير ملتزم البتة، وقد حدثت مشكلة قبل ذهابي، ودعا علي بعدم دخول الجنة، وقال لي عاقة؛ لأني صرخت في وجهه جدا، ولكن عندما فعلت ذلك لم أكن أعي تماما ما أفعل. فهو دائما يقف في طريق مستقبلي، لا دراسة، لا عمل، لا تعلم للدين، لا زواج إلا من معارفنا!
يريد أن يقمعني بأي طريقة، ويسجنني في المنزل.
فهل يؤاخذني الله على ما بدر مني تجاهه؟؟
مع أنني يشهد الله أحاول أن أقنعه بالحكمة، ولكن استهزاءه بكثير من آيات الله يستفزني. فبماذا تنصحوني؟
وما حكم ما اقترفت مع العلم أني نادمة لأني أغضبت الله، فعلاقتي مع ربي طيبة لولا تصرفات أبي؟
وهل يحبط الله أعمالي ولا يتقبل مني ما أحفظه؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله تعالى لأبيك الهداية والصلاح، ووصيتنا لك كثرة الدعاء له بذلك، فهذا من أعظم إحسانك إليه، ورب العزة قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة؛ كما قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.

  والوالد يبقى والدا مهما صدر عنه ما صدر، فقد أمر الله بالإحسان للوالدين ولو كانا كافرين كما قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا  {لقمان15:14}. فصراخك في وجه أبيك إن فعلته في حالة وعي واختيار، فأنت مؤاخذة به، ويعتبر عقوقا تجب عليك التوبة منه، واستسماحك أبيك فيه. وقد أحسنت بندمك على ما فعلت، ولكن اجعلي من هذا الندم توبة مستوفية الشروط؛ وراجعي الفتوى رقم: 107035 ، والفتوى رقم: 29785 .

  وينبغي اجتناب الغضب والحذر من آثاره، فهو الذي يدفع إلى مثل هذه التصرفات السيئة، ومن هنا كانت الوصية النبوية لأحد الصحابة وهو جارية بن قدامة رضي الله عنه، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه و سلم: أوصني. قال: " لا تغضب " . فردد مرارا قال : " لا تغضب " .
  وحفظ القرآن ليس بواجب وإنما هو مستحب، إلا فاتحة الكتاب لتوقف صحة الصلاة على قراءتها؛ وراجعي بخصوص ذلك الفتوى رقم: 32515.

ولا تجوز طاعة الوالدين إذا منعا ولدهما من طلب العلم المتعين؛ قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن علي- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.  وقال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني.

وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 38030. وكذلك الحال بالنسبة للخروج للعمل إن كنت مكفية النفقة، لا يجوز الخروج إليه إلا بإذن والدك.

 وأما الزواج؟ فليس للوالد إلزام ابنته بالزواج ممن لا ترغب فيه، أو منعها من الزواج من الأكفاء، فإن منعها من غير عذر شرعي كان عاضلا فتسقط ولايته، وتنتقل إلى الولي الأبعد في قول بعض الفقهاء، أو إلى القاضي الشرعي في قول آخرين. وراجعي الفتوى رقم: 214219.

  وننبه إلى أن من أخطر ما ذكرت عن والدك استهزاؤه بكثير من آيات الله، فإن صح ذلك فهو على خطر عظيم، فهذا الاستهزاء قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر كما أوضحنا في الفتوى رقم: 26193. فالواجب تذكيره بالله، وتخويفه من أليم عقابه إن لم يبادر إلى التوبة.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة