السؤال
السؤال: أنا طالبة في كلية الطب بمصر، وعندما كنت بالفرقة الثانية فكرت في التحول لطب أزهر للبعد عن الاختلاط، مع أني كنت لا أختلط بأحد حتى المحاضرات كنت أسمعها مسجلة في البيت، وكنت أحضر العملي فقط بالكلية من غير اختلاط شخصي، لكن الوسط حولي مختلط و لكن لم تسمح لي القوانين بالتحول، وكنت قد فكرت كثيرا في ترك الكلية وقتها، ولكني تراجعت عن ذلك بعد قراءة فتوى بموقع: الإسلام سؤال و جواب 69859 وأكملت الدراسة، وكان من دوافع تفكيري لتركها أيضا التفرغ للتفقه في الدين، فطلب العلم لا يعدله شيء؛ ولأني ضعيفة أيضا في مستوى الدراسة، وهي مسؤولية كبيرة عندما أبدأ ممارسة المهنة بعد التخرج، لكن أخي الأكبر وهو أيضا طالب بكلية الطب، نصحني بأن أجمع الأمرين معا، فقلت له إني أصلا ضعيفة في الكلية. وكنت أتساءل: لو أن لي ساعتين يوميا للدراسة، وساعتين لطلب العلم أفضل أم لو أعطيت الأربع ساعات كلها لطلب العلم؟ وكان ينصحني أن أبقى حتى يكون للملتزمين وجود، وقال لي: لو أن كل أحد ملتزم فعل هذا، لتولى أمر المسلمين المفسدون. فكنت أجيبه أنه نادرا ما يفكر أحد في ترك الكلية، ثم إن أغلب الكلية طالبات، ومنهن ملتزمات، وما وجدت واحدة منهن ستترك الكلية، فأمر المسلمين لن يتأثر بتركي الكلية؛ لأن هناك من يحل محلي فيها من الملتزمات.
المهم بعد تفكير طويل، وصراع مع النفس واستشارة، واستخارة أكملت الدراسة. وقد رسبت في هذه السنة، وكانت سنة الثورة بمصر، وكنت مشغولة جدا بالأحداث وقلما أذاكر، مع العلم أن العام الذي قبله نجحت فيه بالكاد في الدور الثاني( دور صيفي) بعد تأجيل مواد للدور الثاني وامتحنت مادة أيضا رسبت فيها في الدور الأول، وعندما أعدت السنة ( سنة 2 ) نجحت ودخلت سنة ثالثة. وفي امتحانات نصف العام بدأت تظهر علي أعراض مرضية، حركات لا إدارية بيدي ورجلي. ذهبت لأطباء كثر منهم من قال صرع ( صرع بسيط ) ومنهم من قال إن جسدها يعبر عما بداخلها وهذا بسبب اكتئاب، وبعد حين علمت أن الصحيح أن الاكتئاب سبب مرض الصرع الجزئي هذا. وعند بداية هذا المرض راودني إحساس جامح بالرغبة في الخروج من الكلية للفقه في الدين، مع أني أرى أنها جائزة شرعا، وأيضا والدي لا يرضيان بتركي إياها. وبعد أيضا صراع نفسي رهيب، واستشارة، واستخارة قررت إكمال المسار حتى لا أحزن والدي؛ ولأن من يعرفون طبيعتي قالوا لي إن هذا هروب من الكلية وليس لطلب العلم، يمكنك جمع الأمرين معا. فقلت لهم: لا أستطيع. فقالوا: بل استعيني بالله.
وفي السنة الثالثة أيضا رسبت، والآن أعيدها أيضا. طول السنة الثانية والثالثة كنت أحس بضغط نفسي من قبل أمي، ومن قبل نفسي أيضا فما تعلمته ما لا يسع المسلم جهله، حتى لما طلبت أن أذهب لمعهد أتعلم التجويد وأحفظ القرآن، رفضت أمي حتى لا أنشغل عن الدراسة، ولكني ذهبت بدون علمها، وعلمت هي بعد أشهر. وأيضا عندما كنت أسمع دروس عقيدة مثلا أو رقائق بالبيت توبخني حتى إذا سمعت أثناء الطعام تقول لي: أنت لا تعطي نفسك حقها حتى أثناء الأكل! وكنت أفعل ذلك؛ لأن هذا الوقت أستطيع أن أسمع فيه، وأيضا عندما أطيل القيام تقول لي يكفي ثلث ساعة. فأجيبها أني أدرى بحال قلبي، أعلم ما ينفعه وما يضره، ولكنها لا تفهمني مع أنها طول عمرها تدعو لنا بالإيمان والعلم. وأيضا فإن يومي أثناء الإجازة لا أتفرغ فيه كلية لطلب العلم بسبب انشغالي مع أمي بأعمال البيت على عكس الدراسة، فإن أمي لا تدعني أفعل شيئا بالبيت من أجل أن توفر لي وقتا للمذاكرة.
سردت كل هذا لتتضح الرؤية لكم، فأنا لا أسأل عن الحكم في تركي الكلية أم لا؟ ولكني أسأل عن الأفضل في أمري هذا: أأترك وأتفرغ أم أكمل الدراسة وأنا ضعيفة فيها؟ وأيضا وأنا أتحسر كلما رأيت من هن أعلم وأتقى لله مني. فكم رأيت رسائل الله تترى تأتي لي من أجل أن أطلب العلم.
وأيضا: هل يجوز لي أن أذهب لتعلم العلوم الشرعية في معهد بدون علم والدي؛ لأني مع أني أستطيع السماع غالبا لا أسمع وأنا مطمئنة النفس، ولكن أسمع أحيانا في خيفة حتى لا تشعر بي أمي، فأحس بضغط نفسي؟
وهل لوالدي الحق في إجباري على البقاء بالكلية.
وعذرا على الإطالة.
وجزاكم الله خيرا.