السؤال
زوجتي خالفتني بالذهاب إلى أهلها، وقامت بالتعدي علي لفظيا ولم أرد عليها لأن السبب تافه من وجهة نظري، وهو أنني أحضرت الغداء من عند والدتي، فقالت لي أرسلني إلى أهلي، وكانت مريضة، والمفروض أن أذهب بها إلى الطبيب في اليوم التالي، ولكنها عندما أجبرتني على الذهاب إلى أهلها لم أذهب بها إلى الطبيب، وتركتها عند أهلها منذ عشرة أيام هي والأولاد، فقام والدها بإرسالها إلى الطبيب وإحضار العلاج وهو رجل سيئ الخلق، وما اشتكت له ابنته إلا واستجاب لها وكبرت المشكلة أكثر، وأنا في انتظار أن تعتذر، ولم تسمح لي كرامتي بالذهاب لإحضارها حتى الآن، فهل علي إثم مع أنها لم تعتذر ولو تليفونيا؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن خروج المرأة بغير إذن زوجها والتعدي عليه لفظيا من النشوز المحرم ومن سوء العشرة، وأن الواجب عليها أن تعود إلى بيت الزوجية وتتوب مما صدر منها، وينبغي أن تعتذر عما كان منها، وكونها مريضة لا يبرر نشوزها وسوء عشرتها، وإذا تقرر نشوزها، فإن عدم إحضار الزوج لها من بيت أبيها لا إثم فيه عليه، لأن مؤنة العودة تكون عليها هي، كما قررناه في الفتوى رقم: 237784.
كما أنه لا نفقة لها حتى تعود، لأن المرأة تسقط نفقتها بنشوزها، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 119334، 39936، 98059.
وهذا، إنما هو من جهة سقوط الإثم، ولكن على الزوج أن يكون على مستوى المسئولية، وأن يراعي المصالح العليا للأسرة، وأن يرتقي عن مستوى معاملة زوجته معاملة الند للند، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإنك إن ذهبت تقومه كسرته وإكرام الزوجة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري من حديث أبي هريرة: استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء.
ولذلك، نرى أن الأوفق بك أن تراعي مرضها وحاجتها إلى أهلها لتمريضها وتغفر لها زلتها وإن أخطأت ولم تعتذر، فإن الإساءة إذا قوبلت بمثلها فسدت العشرة... ومادام الحال أن ما وقع منها كان مجرد ردة فعل لأمر عارض، فلا ينبغي أن تترك مجالا للشيطان والهوى ليفاقم الخلاف ويهدد العلاقة الزوجية بينكما، خاصة وأن مقامها عند أبيها لا يحل المشكلة، بل يفاقمها، فننصحك بالمبادرة بإحضارها، والتماس العذر لمرضها، وتلطف في تأديبها وكذلك حسن رعاية الأولاد، وانظر في أهمية التغاضي عن الهفوات والصبر على أخطاء الزوجات وعظيم أجر ذلك هاتين الفتويين: 1217، 56628.
والله أعلم.