السؤال
عندما أعمل عملا صالحا أحيانا - كالصلاة، أو الصيام، أو الأذكار، أو الدعاء - تكون نيتي الحصول على مبتغى من الدنيا، فهل هذا يحرمني أجر ذلك في الآخرة، أو أنني لا أحصل سوى على ما نويت فقط؟ فمثلا لا أستمع إلى الأغاني، وما ردعني عن سماعها إلا أنها تؤثر على تحصيلي الدراسي سلبيا، فهل هذا يعني أن أجر من ترك الغناء لوجه الله أعظم؟ أم نشترك في الأجر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبد يؤجر على نيته، كما يدل حديث الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
وقال ابن القيم - رحمه الله -: بقدر همة العبد ونيته يعطيه الله تعالى.
والواجب على المسلم أن ينوي عند ابتداء كل عمل صالح مرضاة الله عز وجل، ونيل ثوابه، وهذا هو الإخلاص الذي يقوم عليه قبول العمل عند الله عز وجل، قال الله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء {البينة:5}.
ومن عمل الطاعة، أو ترك المعصية امتثالا لأمر الله، واجتنابا لنهيه، فهو المثاب المأجور، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله عز وجل عنده عشرة حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها، كتبها الله سيئة واحدة. رواه الإمام مسلم.
ولا يضره أن يلاحظ مع ذلك منفعة دنيوية إذا لم ينو الرياء بذلك، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في بعض الأعمال الصالحة بذكر آثارها الدنيوية التي تحبها الأنفس، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن حجر: فيه جواز هذه المحبة خلافا لمن كرهها، وإنما المحظور هو عمل العمل لأجل الناس طلبا في منفعتهم، أو مدحهم. اهـ.
وأما من لم ينو إلا المصلحة الدنيوية، كالعون على الدراسة، من دون استشعاره لكونه يعمل طاعة، أو يترك ذنبا، فلا يثاب على مجرد هذا الترك، وراجع الفتوى رقم: 147019.
والله أعلم.