السؤال
هل تجوز مقاطعة الأقارب أو تحديد علاقتنا بهم بسبب حسدهم الكثير؟ أشعر أن إحدى أقاربي تشعر بغيرة مني وتحسدني كثيرا، وكلما رأوا نعمة لدي ذهبت مني؟ وهل يجوز الكذب عليهم، لأنني مضطرة كثيرا فقد حصل لدي الكثير من المشاكل بسبب حسدهم وعلمهم بأحوالي؟.
هل تجوز مقاطعة الأقارب أو تحديد علاقتنا بهم بسبب حسدهم الكثير؟ أشعر أن إحدى أقاربي تشعر بغيرة مني وتحسدني كثيرا، وكلما رأوا نعمة لدي ذهبت مني؟ وهل يجوز الكذب عليهم، لأنني مضطرة كثيرا فقد حصل لدي الكثير من المشاكل بسبب حسدهم وعلمهم بأحوالي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز مقاطعة الأقارب، فإن القطيعة من الكبائر، فعن جبير بن مطعم ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
وحسدهم ليس مبررا لمقارفة الكبيرة، للأسباب التالية:
1ـ لأن صلتهم لا تتوقف على بيان النعم الموجب لحسدهم، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بكتمان النعم عن الحساد فقال: استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمة محسود. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
وللوقاية من الحسد أسباب شرعية عشرة ذكرها الإمام ابن القيم ـ ليس منها المقاطعة ـ بيناها في الفتوى رقم: 24972.
2ـ ولأن حسدهم لا ينتفي مع القطعية والغيبة، فالحسد لا يتوقف على الشهود والرؤية، جاء في الموسوعة في الفرق بين الحسد والعين: والحاسد والعائن يشتركان في أن كلا منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من تريد أذاه، إلا أن العائن تتكيف نفسه عند مقابلة العين والمعاينة، والحاسد يحصل حسده في الغيبة والحضور.
3ـ ولأنه لا يجزم بأن ما زال من النعم كان بسبب الحسد، والأصل تحسين الظن بالمسلم لا سيما القريب، ولا يجوز اتهامه بالحسد بغير بينة، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 109652.
والظن المجرد عن بينة بحسدهم لا يسقط وجوب الصلة وحرمة القطيعة المتيقن شرعا.
وعلى فرض ثبوت ضرر الأقارب وحسدهم، فلا بأس في تحديد العلاقة بترك بعض صور الصلة الموجبة لذلك الضرر؛ كترك زيارتهم مع بقاء سائر صور الصلة الأخرى من السلام والدعاء والهدية والعيادة وغيرها... كما حررناه في الفتويين رقم: 228394، رقم: 75324.
ولأن الإساءة لا تسقط أصل الصلة الواجبة شرعا، كما بيناه في الفتويين رقم: 196331، ورقم 136334.
ولعلاج الحسد ينظر أيضا الفتويان رقم: 2077، ورقم: 3273.
وأما الكذب: فلا يجوز إلا إذا تعين وسيلة للتخلص من الضرر المحقق وتعذرت التورية، جاء في الموسوعة الفقهية: وقد يكون الكذب مباحا أو واجبا، فالكلام وسيلة إلى المقاصد، وكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب فيه.
وللمزيد في تقرير هذا الحكم تنظر الفتويان رقم: 9189، ورقم: 48814.
وينظر في معنى التورية وحكمها الفتويان رقم: 58927، ورق: 4512.
والله أعلم.