متى يصبح المباح مكروهًا؟ هل بالنظر لمفاسده أم بالنظر لغرابته عن المجتمع؟ وحكم تعدد الزوجات

0 298

السؤال

متى يصبح المباح مكروها، ومتى يصبح حراما؟ وهل يصبح مكروها إذا كانت مفاسده أكبر من مصالحه، أم إذا كان غريبا في عرفنا ومجتمعنا، أم هناك أسباب أخرى؟ أرجو التكرم بإجابة مفصلة مع ذكر أمثلة.
ومتى يكون تعدد الزوجات مكروها؟ ومتى يكون حراما؟ ومتى يكون مستحبا؟ ومتى يكون مباحا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشيء المباح من حيث الأصل قد تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب ما يؤول إليه، وما يترتب عليه من مصالح أو مفاسد؛ ولذلك أمثلة عديدة ذكرها العلماء القائلون بقاعدة سد الذرائع، كما سبق في الفتوى رقم: 62533.

وقال الدكتور بشير عبد العالي شمام في كتابه: الملامح التربوية في الدراسات الأصولية، تطبيقا على مبحث المباح، والواجب من كتاب الموافقات: إذا نظرنا إلى المباح على أنه ذريعة إلى شيء آخر، فليس تركه بأفضل من فعله بإطلاق، بل هو على ثلاثة أقسام. ـ قسم هو ذريعة إلى منهي عنه، فيكون من تلك الجهة مطلوب الترك.

ـ قسم هو ذريعة إلى مأمور به، فيكون من تلك الجهة مطلوب الفعل.

ـ قسم ليس هو ذريعة إلى شيء عنه، فهو المباح المطلق الذي لا يكون مطلوب الفعل، ولا مطلوب الترك. اهـ.

 وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في شرحه على نظم العمريطي للورقات: فالمباح في حد ذاته ليس فيه أمر، ولا نهي، ولا ثواب، ولا عقاب، لكن قد يكون وسيلة لمأمور، فيكون مأمورا به على وجه الندب، أو الوجوب، وقد يكون وسيلة لمنهي عنه، فيكون منهيا عنه على سبيل الكراهة، أو التحريم. مثال ذلك:

1 ـ رجل باع سلعة بعد نداء الجمعة الثاني، وهو ممن تجب عليه صلاة الجمعة، ففعله هذا حرام، والأصل في البيع الإباحة.

2 ـ رجل خطب امرأة، قد خطبها مسلم قبله؟ ففعله هذا حرام؛ لأنه عدوان على حق الغير.

3 ـ حضرت الصلاة، وليس عند الإنسان ماء، فوجد ماء يباع، فما حكم شراء هذا الماء؟ واجب؛ لأنه يتوقف عليه فعل الواجب، إذن هو واجب لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

4 ـ اشترى رجل بصلا ليأكله، فهذا مباح؛ لأن أكل البصل مباح، وهذا هو الصحيح؛ لكن بعض العلماء يقول: أكل البصل مكروه، فإذا قلنا: أكل البصل مكروه، صار شراؤه مكروها.

5 ـ اشترى رجل سلاحا ليقتل به نفسا محرمة، فهذا حرام، فصار المباح في حد ذاته ليس فيه ثواب، ولا عقاب، لا فعلا، ولا تركا، لكن إذا كان وسيلة لمأمور به، فهو مأمور به، وإذا كان وسيلة لمنهي عنه فهو منهي عنه. اهـ.

وبخصوص مخالفة العرف، فليست مكروهة بإطلاق، فالأعراف منها الصحيح، ومنها الفاسد، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 14805

وأما بخصوص تعدد الزوجات، فالأصل فيه الإباحة، وقد تعتريه الأحكام الخمسة، شأنه شأن الزواج ابتداء، كما سبق في الفتوى رقم: 204088 وما أحيل عليه فيها؛ وانظري الفتوى رقم: 135708.

فإن لم تتق نفسه للتعدد مع وجود الأهبة، فهذا محل خلاف هل يكون حينئذ مستحبا أم مباحا، بناء على اختلافهم في أصل التعدد، وانظري الفتوى رقم: 116176.

ولمزيد الفائدة عن الأحكام الواجب مراعاتها عند تعدد الزوجات راجعي الفتوى رقم: 3604.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة