الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
أولا جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه من مفيد ونافع للمسلمين
ما هو مفهوم سد الذرائع ؟ والمقارنة بينه وبين الحيل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسد الذرائع معناه عند أهل العلم: منع الأمر المباح في الأصل أو الظاهر لكونه يتوصل به إلى حرام أو يؤول إليه.

وقد أخذ بهذا الأصل الإمام مالك والإمام أحمد ومن وافقهما واستدلوا لذلك بأدلة من القرآن والسنة، منها: قول الله تعالى: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ {الأنعام: 108}.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر شتم الرجل والديه. قيل: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. رواه أبو داود.

وكذالك النهي عن إقامة الحد في الغزو، والنهي عن شراء الصدقة، وعن بيع السلاح في الفتنة.. وما أشبه ذلك مما ورد فيه النهي عن المباح في الأصل كالنهي عن القضاء وقت الغضب..

فالوسائل المباحة في الأصل إذا توصل بها إلى محرم فهي حرام سدا للذريعة، ومن هنا قال الإمام مالك ومن وافقه: بمنع الحيل لأنها كفعل أصحاب السبت الذين قص الله تعالى علينا خبرهم في القرآن الكريم.

وذهب بعض أهل العلم من الحنفية والشافعية إلى عدم الأخذ بسد الذرائع، ولهذا أباحوا بيع العنب لمن يتخذه خمرا، كما أباحوا بيع العينة وقالوا: لا يفسد عقد أبدا إلا بالعقد نفسه، ولا تفسد العقود بأن يقال هذا ذريعة، وهذه نية سوء.. انظري الموسوعة الفقهية مبحث سد الذرائع.

واتفق الجميع على سد الذريعة إذا كانت تفضي إلى مفسدة محققة كحفر بئر في طريق الناس العامة وإلقاء السم أو ما يضر في مواردهم.

والقائلون بسد الذريعة متفقون أيضا على عدم التوسع فيها لأن ذلك يؤدي إلى االحرج والمشقة والحرج مرفوع .

ويمثلون لذلك بعدم تحريم زراعة العنب وإن كان ربما يؤدي انتشاره إلى صناعته خمرا، وعدم منع النساء من المساجد، وسكن الرجال والنساء في الدور.

كما أنهم فتحوا الذرائع إلى ارتكاب المحرم إن كان تركه يؤدي إلى ضرر أعظم منه، ويمثلون لذلك بالأموال وغيرها التي تعطى للكفار فدية لأسارى المسلمين، وبالرشوة والكذب لإنقاذ المسلم أو ماله.. ودخول بيوت الناس لإطفاء الحريق ومنع اللصوص..

ويشترطون لذلك أن لا يمكن منع الضرر أو إزالته بجائز.. وأن يكون الضرر أعظم من المحرم المرتكب.

قال العلامة الشيخ سيدي عبد الله الشنقيطي في مراقي السعود:

سد الذرائع على المحرم * حتم كفتحها إلى المنحتم

وقال في نشر البنود.. وكذلك يجب فتح الذريعة إلى الواجب ويندب فتحها إلى المندوب، ويكره إلى المكروه، ويباح إلى المباح كما أشار له بقوله:

وبالكراهة وندب وردا * وألغ إن يك الفساد أبعدا

أو رجح الإصلاح كالأسارى * تفد بما ينفع للنصارى

وانظر تدلي دوالي العنب * في كل مشرق وكل مغرب

وما قاله العلامة الشنقيطي يلخص كلام أهل العلم في هذا الموضوع، ويمنع ارتكاب الحيل كما هو مذهبه الذي يتلخص في القاعدة الفقهية: الوسائل لها حكم المقاصد.

وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 32024.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني