من تاب توبة نصوحا فإن الله يبدل سيئاته حسنات

0 176

السؤال

يا شيخ أنا في وقت المراهقة ارتكبت اللواط، وكنت أستمع للأغاني، وكثير الغيبة، فتبت - ولله الحمد - والله إني ندمت ندما شديدا، فكيف أكفر عن الغيبة، خاصة أن أكثرهم نسيتهم، وبعضهم توفاهم الله؟ ووالله إني نادم كثيرا، وكيف يعفو الله عني؟ وكيف أمسح جميع ذنوبي من الصحيفة؟ وكيف آتي الله بحسنات وصحيفة بيضاء نقية؟ أريد - يا شيخ – أن آتي ربي يوم القيامة، وأنا لا أحمل سوى الحسنات، فكيف وقد ارتكبت المعاصي والذنوب؟ وكيف وأنا هززت عرش الرحمن؟ أجيبوني - جزاكم الله خيرا -.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فباب التوبة من جميع الذنوب مفتوح بفضل الله تعالى لكل إنسان، ما لم تطلع الشمس من مغربها، أو يعاين الموت ويتيقنه، قال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. رواه مسلم. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي، وحسنه، وابن ماجه، وأحمد، وحسنه الألباني. فالله تعالى يحب المغفرة، فيغفر تعالى لمن يتوب إليه ويستغفره، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم. رواه مسلم.

وقد وعد الله تعالى من يقترف أكبر الكبائر كالشرك، والقتل، والزنا بأن يبدل سيئاتهم حسنات، إن هم تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات، قال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما *  ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان:71:68}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ فيقول: نعم، لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة، فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها هاهنا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. رواه مسلم.

فعليك ـ أخي الكريم ـ أن تنشغل بتحصيل توبة نصوح جامعة لشروط قبولها، من الندم على ما سلف من الذنوب، والإقلاع عنها خوفا من الله تعالى، وتعظيما له، وطلبا لمرضاته، والعزم الصادق على عدم العودة إليها أبدا، مع رد المظالم إلى أهلها إن كان هناك مظالم، ثم اجتهد في تقوية إيمانك، واستقم على طاعة الله، واجتهد في إتباع السيئات بالحسنات الماحيات، كما قال الله تعالى: وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين {هود:114}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح، وحسنه الألباني.

وقد سبق لنا بيان وسائل تقوية الإيمان وتحقيق الاستقامة، وذكر نصائح لاجتناب المعاصي، وبيان شروط التوبة ودلائل قبولها، وما ينبغي فعله عندها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 1208، 5450، 29785، 30035.

وراجع في كيفية التحلل من إثم الغيبة الفتويين: 66515، 215656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات