السؤال
وقع علي ظلم من أبي بشهادة كل من حولي، ووقعت لي مشاكل بسبب هذا الظلم، في بعض أوقات الضيق كنت أقول "حسبنا الله ونعم الوكيل "هل هذا عقوق؟ وكيف أكفر عنه؟ وأبي منفصل عن والدتي، ومتزوج بأخرى في نفس العمارة، لكن لا أطلع شقته إلا في أضيق الحدود، ومنذ مدة بدأت أحاول تجنب الصدام معه أو الحديث؛ لكثرة المشاكل. فكيف يكون تعاملي معه حتى لا أقع في عقوق أبي بعدم السؤال أو بكثرة الصدام والمشاكل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن حق الوالد عظيم مهما أساء إلى ابنه ، فلا يجوز للولد أن يقابل إساءة والده بالإساءة أو الجفاء أو القسوة أو الإعراض ، أو ما يشعر الوالد بالمهانة أو غير ذلك من ألوان العقوق.
وانظر الفتاوى أرقام: 122833، 133927، 98115، 3459 . وإحالاتها.
والدعاء على الوالد لا يجوز، وإن كان ظالما.
وأما بخصوص قولك: حسبي الله ونعم الوكيل. فليس بدعاء على الوالد ، إلا أنه ليس لك أن تواجهه به ؛ لما فيه من المغايظة له ، ولأنه قد جرى العرف في مصر بأنه دعاء على الظالم. وانظر الفتاوى أرقام: 127812، 109095، 140465.
وأما تجنبك الصدام مع والدك فهو مطلوب شرعا ، لكن إذا كان تجنب الحديث والجلوس معه يغضبه أو يحزنه ، فلا يجوز لك ذلك ، بل عليك حينئذ بالجلوس معه مع تحاشي الحديث الذي يجر إلى المصادمات والمشاكل. وليكن خطابك معه متصفا باللين والأدب والتودد ، لا من باب معاملة الند للند.
أما إن كان تركك للجلوس والحديث معه لا يحزنه ولا يغضبه فلا بأس بذلك ، على ألا يكون ذلك هجرا بالكلية ، ومع عدم ترك السؤال عنه ، ووجوب إجابته إذا طلبك.
وتذكر أن الأب أوسط أبواب الجنة، ففي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
ونوصيك بالصبر على ظلم الوالد ، ودفع إساءته بالتي هي أحسن ، ولعلك إذا صبرت على إساءته، واجتهدت في الإحسان إليه أن يجعل الله ذلك كفارة لذنوبك، واحرص على الدعاء له بأن يصلح الله من شأنه، فذلك من أعظم إحسانك إليه.
ونسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكما.
والله أعلم.