زكاة ما يتقاضاه العامل نتيجة تسيير العمل عند المذاهب الأربعة

0 198

السؤال

مسير شركة يملك من رأس مالها السدس، ويتقاضى أجرة سنوية تساوي ثلث الأرباح مقابل التسيير، فهل يأخذ ثلثه هذا قبل أم بعد إخراج الزكاة؟ وبعبارة أخرى: إذا كان المبلغ المطلوب إخراج الزكاة عليه 12 مليونا ـ التجارة والأرباح جميعا ـ منها 3 ملايين من الأرباح، فيأخذ هذا المسير مليونا واحدا ـ ثلث الأرباح ـ فهل تخرج الشركة الزكاة على 12 مليونا أم على 11 مليونا باعتبار مليون التسيير من المصاريف -جزاكم الله خيرا-؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فكون هذا العامل أحد الشركاء في الشركة، ومع ذلك فهو الذي يسير عملها، فهذا يعني أن الشركة قد جمعت بين الشركة والمضاربة، قال ابن قدامة في المغني: وأما المضاربة التي فيها شركة، وهي أن يشترك مالان وبدن صاحب أحدهما، مثل أن يخرج كل واحد منهما ألفا، ويأذن أحدهما للآخر في التجارة بهما، فمهما شرطا للعامل من الربح إذا زاد على النصف جاز؛ لأنه مضارب لصاحبه في ألف، ولعامل المضاربة ما اتفقا عليه بغير خلاف. اهــ.

وما يتقاضاه العامل نتيجة تسيير العمل يجري فيه كلام الفقهاء في زكاة ربح عامل المضاربة، ولهم فيه أقوال:

أولها: أن زكاة ربح العامل عليه, ولكنها لا تجب إلا بعد اقتسام المال، وحولان الحول عليه، وهذا مذهب الحنابلة، قال ابن قدامة في المغني: وأما العامل فليس عليه زكاة في حصته حتى يقتسما، ويستأنف حولا من حينئذ، نص عليه أحمد.... وقال أبو الخطاب: يحتسب حوله من حين ظهور الربح، يعني إذا كمل نصابا... قال: ولا يجب إخراج زكاته حتى يقبض المال؛ لأن العامل يملك الربح بظهوره. اهـ.

وهو المفتى به عندنا، كما في الفتوى رقم: 16615.

وعلى هذا، فإن العامل يزكي المليون الذي ربحه نظير عمله حين يحول الحول على قبضه له، فيخرج منه ربع العشر ـ أي 2.5 % ـ ولا تخرج الشركة زكاة هذا المليون، وذهب بعض الفقهاء إلى أن زكاة الربح كله على رب المال؛ لأن العامل لا يملك ربحه إلا بالقسمة، ولا يملكه بالظهور، وهذا مذهب الشافعية، قال النووي في المجموع: عامل القراض لا يملك حصته من الربح الا بالقسمة في أصح القولين.... فإن قلنا العامل لا يملك حصته من الربح إلا بالقسمة لزم المالك زكاة رأس المال والربح جميعا، فإن الجميع ملكه. اهـ.

وقال آخرون: إن العامل يزكي ربحه عند المفاصلة لسنة واحدة، وهذا قول المالكية، جاء في شرح الخرشي على مختصر خليل: ولا زكاة في حصة العامل على واحد منهما إلا بعد المفاصلة، فيزكيها العامل لسنة واحدة. اهـ.

وظاهر كلام الحنفية أن على المضارب زكاة حصته من الربح إن ظهر في المال ربح، وكان نصيبه نصابا، والقول الأول هو المفتى به عندنا ـ كما ذكرنا ـ.

وننبه إلى أن الزكاة في مال الشركاء تجب في نصيب كل واحد منهم على حدة إذا بلغ نصابا، وإذا بلغ نصيب بعضهم نصابا ولم يبلغ نصيب آخر نصابا -لا بنفسه، ولا بما عنده من نقود أخرى- فلا زكاة على هذا الأخير، وتجب الزكاة في نصيب الأول منهما، كما أنه ليس كل شركة تجب الزكاة في رأس مالها، بل بعض الشركات تجب الزكاة في ربحها فقط دون رأس المال، وبعضها تجب في الربح ورأس المال معا، وهذا حسب نوع النشاط الذي تمارسه الشركة، وانظر الفتوى رقم: 183825.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة