السؤال
كان بين أبي وأخواته مشاكل في التركة، حيث استحوذ عليها البعض، وحرموا البعض الآخر منها، من أجل ذلك نشأ بينهم كره وقطيعة إلا في المناسبات، ولكن بمرور الزمن أصبح هنالك تواصل بيننا وبينهم.
وكذلك لدينا خالة واحدة شقيقة أمي ليس لها أبناء، ولكنها لا تحبنا وتبغضنا، وتسيء معاملتنا أمام القريب والغريب، رغم ذلك أمي ونحن نصلها، ونعطيها، وهي لا تصلنا إلا في مناسبة.
سؤالي خاص بي وبأخواتي: دائما نتذكر هذه المآسي التي وجدناها من أهلينا - وبالذات خالتنا - وكذلك لا نحبهم أبدا، ولو مات عمي لا نبكي عليه من قسوتهم علينا - قطيعتهم لنا منذ أن كنا صغارا - كثيرا نستعيذ بالله من الشيطان عندما نذكرهم حتى لا نغتابهم وتذهب حسناتنا.
هل الشيء الذي في قلوبنا عليهم نحاسب عليه، وهو خارج عن إرادتنا؟ مع أنني أذكرها بيني وبين نفسي، ثم أستغفر الله، وأخواتي يذكرنها إذا حدث منهم بعض المواقف.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد بغض القريب المسيء وعدم محبته لا مؤاخذة فيه على الشخص ولا إثم ، ما دام لم يترتب على ذلك فعل محرم من ظلم أو قطيعة ، فالحب والبغض من الأمور القلبية التي لا كسب للإنسان فيها في كثير من الأحوال. وفي الحديث : إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. أخرجه البخاري ومسلم . وراجعي في هذا الفتوى رقم : 193723 .
واعلمي أن إساءة القريب لا تبيح قطيعته، ولا يسقط حقه في الصلة ، لأن صلة الرحم ليست من باب المكافأة، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
لكن إن كانت صلة القريب يترتب عليها ضرر محقق فلا إثم عليك في قطيعته حينئذ ، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية .اهـ .
ومن وصل ذوي رحمه المسيئين فإن الله عز وجل يعينه عليهم ، ويكفيه إياهم ، فعن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل , ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. أخرجه مسلم.
وراجعي للفائدة في التعامل مع القريب المسيء الفتويين : 136334 ، 163457 .
والله أعلم.