السؤال
إذا كنت أكرهت شخصا على أمر، فما هي طريقة الخروج من الإكراه، وهل يكفي الحل؟ وإذا كان أبي، فهل تكفي هذا الجملة: حلل أبناءك إن كانوا قد أكرهوك على شيء؟.
إذا كنت أكرهت شخصا على أمر، فما هي طريقة الخروج من الإكراه، وهل يكفي الحل؟ وإذا كان أبي، فهل تكفي هذا الجملة: حلل أبناءك إن كانوا قد أكرهوك على شيء؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبه إلى أن حق الوالدين عظيم وصى الله به بعد حقه فقال: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا {النساء:36}.
وقال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23ـ 24}.
فيجب معاملة الوالدين بلطف وإحسان ولا يجوز إكراههما، ونرجو أن يكون ما صدر من السائلة مجرد طلب أمر من الأب، وألا يكون توفرت فيه شروط الإكراه، بل نرجو أن يدخل في الهفوات المغفورة ممن علم الله صلاحه وصدقه في حب والده وبره، فقد قال الله تعالى: ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا { الإسراء:25}.
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة، وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.
ولو أنه صدر منك ظلم لأبيك بإكراهك له أو مكالكمته بما يتأذى به فيجب عليك أن تتحللي منه، لأن أذاه يدخل في العقوق المحرم، فقد قال السبكي: ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الإيذاء. اهـ.
وقال الهيتمي: كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة، وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين ـ أي عرفا ـ ويحتمل أن العبرة بالمتأذي. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: أما إن كانت ـ يعني المظلمة ـ في العرض مثل أن يكون قد سب شخصا في مجلس أو اغتابه، فلا بد أن يتحلل منه إذا كان قد علم بأنه سبه، فيذهب إليه ويقول: أنا فعلت كذا وفعلت كذا وأنا جئتك معتذرا، فإن عذره فهذا من نعمة الله على الجميع، لأن الله يقول: فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40} وإن لم يعف فليعطه مالا، ليشبعه من المال حتى يحلله، فإن أبى فإن الله تعالى إذا علم أن توبة الظالم توبة حقيقية، فإنه سبحانه وتعالى يرضي المظلوم يوم القيامة، وقال بعض العلماء في مسألة العرض: إن كان المظلوم لم يعلم فلا حاجة أن يعلمه، مثل أن يكون قد سبه في مجلس من المجالس وتاب، فإنه لا حاجة أن يعلمه، ولكن يستغفر له ويدعو له، ويثني عليه بالخير في المجالس التي كان يسبه فيها، وبذلك يتحلل منه، ألا إن الأمر خطير، وحقوق الناس لا بد أن تعطى لهم إما في الدنيا وإما في الآخرة. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 21844.
والله أعلم.