ضوابط وجوب طاعة الوالدين

0 191

السؤال

أنا شاب عمري 27 عاما، وقررت الزواج، وقال أبي: سأبني لك بيتا عند عمتك (أي: زوجة أبي الثالثة) بناء على طلبي، ورفضت أمي، وقالت: لا أريدك أن تسكن هناك. وأنا لي مقاصد أخرى بالسكن هناك، وهي مقاصد حميمة، وهي: أني أريد أن أقارب بينها وبين والدتي، وأريد أن يكون بينهما الحب والقرابة، أعني: إذا أتت أمي لزيارتي أطلب من عمتي (أي: زوجة أبي الثالثة) أن تأتي عندي، لأن أمي موجودة عندي، ومقاصد أخرى كلها في طاعة الله -إن شاء الله-.
فالسؤال هنا: هل يجوز لي إقناع أمي أكثر للسكن هناك؟ علما أن أمي تريدني أن أسكن معها, ولديها أخي وأخواتي معها, فهل يجوز السكن بدون رضاها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا حرج عليك في السعي لإقناع أمك بما اقترحه والدك من بناء مسكن لك في ذلك المكان، بل ينبغي لك ذلك كي ترضى عما تريد، وتوافقك عليه، ولو أصرت على الرفض, فالظاهر: أنه لا تجب طاعتها في ذلك، فقد ذكر العلماء لوجوب طاعة الوالدين ضوابط، حاصلها ثلاثة:

الأول: أن يكون في غير معصية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد، وغيره، وصححه السيوطي.

الثاني: أن يكون لهما غرض صحيح من الأمر بترك المندوب والمباح، أو الأمر بمقارفة المكروه.

الثالث: أن لا يكون في ذلك ضرر على الولد فيما أمراه به، وقد نص على هذا طائفة من أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا.

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-: (... وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق, لم يلتفت إليه أخذا مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته, وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد, ومنع الوالد له, أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو: حمق وغباوة, فلا يلتفت له الولد في ذلك, وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه, يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره, ومحله أيضا حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل)
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة