الابتلاء.. أسباب متنوعة وحِكَم متعددة

0 864

السؤال

بحثت كثيرا عن حقيقة ما يصيب الإنسان المؤمن الملتزم بشرع الله مما يسوءه ويكرهه "من نقص في النفس والمال والولد"
فبحثت أولا عن معنى المصيبة والبلاء والابتلاء والفرق بينهم، فوجدت كلاما كثيرا يتحدث عن حكمة الله من البلاء والمصائب في حق المؤمن وهي كثيرة، منها التمحيص وتكفير الذنوب، ورفع الدرجات، وكل هذه المعاني لها أدلة في القرآن وفي السنة، فوجدت أن معظم كلام العلماء يتحدث عن الحكمة من البلاء ولا يتحدث عن سبب الابتلاء، فكل ما سبق من التمحيص ورفع الدرجات وتكفير السيئات هي جزاء من الله عز وجل على الصبر على البلاء، وليست هي السبب الرئيس لوقوع البلاء.
انطلاقا من الآيات التالية:
"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
"فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه..."
"وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا"
"أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"
"ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين"
"وبلوناهم بالحسنات والسيئات"
"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ..."
"هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر"
"وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه"
"ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه"
وباقي الآيات التي تتحدث عن البلاء والابتلاء والفتنة إنما دلت كلها على "الاختبار" وهذا بديهي؛ لأن الدنيا دار بلاء واختبار وهذه هي الغاية الأساسية من وجودنا على الأرض.
والاختبار يكون بالخير والشر بما نحب ونكره
1- فمتى نختبر بما نحب؟
2-ومتى نختبر بما نكره؟
فنجد الآيات واضحة وصريحة وتقيد كل آيات الابتلاء السلبي "بما نكره من النقص والتشديد"
قال تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك"
"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير"
"ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد ابتلي ببلية في الدنيا إلا بذنب والله أكرم وأعظم عفوا من أن يسأله عن ذلك الذنب يوم القيامة" الراوي: أبو موسى الأشعري. المحدث: السيوطي، حكم المحدث: "حسن.
قال رسول الله صلى الله عيه وسلم: "لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر" الراوي: أبو موسى الأشعري. المحدث الألباني وحكم عليه بأنه "حسن" المصدر صحيح الجامع رقم الحديث 7732.
أما بالنسبة للآية الكريمة التالية "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا..."
تقيدها كل الآيات السابقة والأحاديث السابقة، وأيضا تقيدها الآية التالية وبوضوح، قال الله تعالى: "وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون"
فدلت هذه الآية أن سبب الابتلاء بالبأساء والضراء "ما كسبت أيديهم" والغاية منه "لعلهم يتضرعون"
فمن كل ما سبق نستنتج أنه لا يمكن أن يصيب الإنسان ما يكره إلا بسبب تقصيره أو بما كسبت يداه (بتقصير في أخذ الأسباب الكونية والشرعية)، والغاية منه التمحيص ورفع الدرجات وتكفير السيئات.
أما بالنسبة للأحاديث التي تتحدث عن "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل" "وعظم الجزاء مع عظم البلاء" فهذا من حكمة الله أن جعل اختبار الصالحين أشد من عامة الناس وهذا لا يتناقض مع أن الصالحين يخطئون ويقصرون، وبسبب تقصيرهم يبتلون ويكون ابتلاؤهم أشد من غيرهم.
إذا الخطأ الذي حصل في فهم فلسفة الابتلاء هو الخلط بين الأسباب التي أدت إلى الابتلاء (التقصير أو الذنب) وبين الحكمة أو الغاية من الابتلاء (رفع الدرجات و...).
نرجو من فضيلتكم التكرم علينا ببيان رأيكم في هذا الفهم بغض النظر عن درجة صحة الأحاديث الشريفة؛ لأن أول حديثين فيهما كلام عن صحتهما اطلعت على فتوى على موقعكم بعنوان هناك فرق كبير بين الابتلاء والمصيبة، سمعت كلاما مناقضا له من أحد العلماء أيضا ولم أقتنع برأيكم في الفرق بين البلاء والمصيبة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان مراد الأخ السائل بما ذكره أن يقصر سبب حصول المصائب للعبد على ذنوبه ومعاصيه، فهذا الحصر ليس بسديد، ولا موافق للواقع، ولا جامع بين الأدلة! ومع ذلك فإننا نقول: إن هذا النظر ينبغي أن يقتصر عليه كل واحد منا حال المصيبة، فيرجع ذلك إلى ذنوبه وتقصيره وتفريطه في جنب الله، ومخالفته لأمره وعدم استقامته على طاعته، وأما أن يعمم هذا النظر على كل من وقعت عليه مصيبة، فهذا لا يصح، ويكفي في ذلك تذكر حال الأنبياء الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم أشد الناس بلاء!! وهذا حال واحد منهم ـ وهو أيوب عليه السلام ـ يبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: إن نبي الله أيوب صلى الله عليه وسلم لبث به بلاؤه ثمان عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم: تعلم، والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين! فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثمان عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به! فلما راحا إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقولان غير أن الله تعالى يعلم أني كنت أمر بالرجلين يتنازعان، فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق، قال: وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها وأوحي إلى أيوب أن {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فاستبطأته فتلقته تنظر وقد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان، فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى، والله على ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحا، فقال: فإني أنا هو، وكان له أندران (أي بيدران): أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض". رواه أبو يعلى وأبو نعيم، وصححه ابن حبان والضياء المقدسي والألباني.
وكذلك عباد الله المؤمنون، يبتلى بعضهم، لا لذنبه، ولكن لرفعة درجته في الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها. رواه أبو يعلى والحاكم وغيرهما، وصححه الألباني.
وبهذا يعرف ما في قول السائل: (لا يمكن أن يصيب الإنسان ما يكره إلا بسبب تقصيره أو بما كسبت يداه) !!! وكذلك حكمه بتقيد النصوص الشرعية التي تدل على حصول الابتلاء للمؤمنين من أتباع الرسل، بالنصوص الدالة على حصول المصائب بكسب العبد! والصواب حمل ذلك على اختلاف الأحوال، فكل دليل ينزل على ما يناسبه من حال العبد، وإن كان الغالب هو كون الابتلاء بالمصائب يكون بسبب الذنوب والمعاصي، فهذا لا ينفي وقوع الابتلاء أحيانا للتمحيص ورفعة الدرجات. وراجع في ذلك الفتويين التالية أرقامهما: 126966، 25874.
وأما ما ذكر السائل من دلالة قوله تعالى: {وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون * ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون * ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون [الأعراف: 94، 96] على أن سبب الابتلاء بالبأساء والضراء هو كسب أيدي الناس، فهذا إن أريد به الغالب فمقبول، وأما إن أريد به الحصر والقصر فقد سبق بيان ما فيه، على أن الآية تتناول حال الأمم وإهلاكهم بصفة عامة،  لا خصوص الأشخاص! مع ما فيها من النص على استدراج الله تعالى لهم بأنواع النعم رغم ما هم عليه من العناد ومخالفة الرسل، قال السعدي: {وما أرسلنا في قرية من نبي} يدعوهم إلى عبادة الله، وينهاهم عن ما هم فيه من الشر، فلم ينقادوا له: إلا ابتلاهم الله {بالبأساء والضراء} أي: بالفقر والمرض وأنواع البلايا {لعلهم} إذا أصابتهم، أخضعت نفوسهم فتضرعوا إلى الله واستكانوا للحق. {ثم} إذا لم يفد فيهم، واستمر استكبارهم، وازداد طغيانهم. {بدلنا مكان السيئة الحسنة} فأدر عليهم الأرزاق، وعافى أبدانهم، ورفع عنهم البلاء {حتى عفوا} أي: كثروا، وكثرت أرزاقهم وانبسطوا في نعمة الله وفضله، ونسوا ما مر عليهم من البلاء. اهـ.
ومما ينبه السائل على خطئه في التعميم والإطلاق في حكمه السابق، ما ندركه جميعا من ابتلاء غير المكلفين من المجانين والأطفال بأنواع الآلام والمصائب! بل حتى الحيوان الأعجم لا يسلم من مثل هذا، قال الألوسي في (روح المعاني): الآية ـ يعني قوله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ـ مخصوصة بأصحاب الذنوب من المسلمين وغيرهم؛ فإن من لا ذنب له كالأنبياء عليهم السلام قد تصيبهم مصائب، ففي الحديث أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ويكون ذلك لرفع درجاتهم أو لحكم أخرى خفيت علينا، وأما الأطفال والمجانين فقيل: غير داخلين في الخطاب لأنه للمكلفين، وبفرض دخولهم أخرجهم التخصيص بأصحاب الذنوب، فما يصيبهم من المصائب فهو لحكم خفية، وقيل: في مصائب الطفل رفع درجته ودرجة أبويه أو من يشفق عليه بحسن الصبر. اهـ.

والمقصود أن الابتلاء بالمصائب كما أن له حكما متعددة، فله كذلك أسباب متنوعة، فيحمل كل شخص على ما يناسب حاله، وقد سئل الشيخ ابن باز: إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال، فكيف يعرف أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله؟ فأجاب: الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء، وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم، كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعا في الدرجات وتعظيما للأجور، وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب، فالحاصل أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات وإعظام الأجور كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما أصاب المسلم من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها وقوله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يصب منه وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة؛ كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة خرجه الترمذي وحسنه. اهـ. 

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة (الحسنة والسيئة): والمقصود أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ليس سببا لشيء من المصائب، ولا تكون طاعة الله ورسوله قط سببا لمصيبة، بل طاعة الله والرسول لا تقتضى إلا جزاء أصحابها بخيري الدنيا والآخرة، ولكن قد تصيب المؤمنين بالله ورسوله مصائب بسبب ذنوبهم، لا بما أطاعوا فيه الله والرسول، كما لحقهم يوم أحد بسبب ذنوبهم، لا بسبب طاعتهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وكذلك ما ابتلوا به في السراء والضراء والزلزال، ليس هو بسبب نفس إيمانهم وطاعتهم، لكن امتحنوا به، ليتخلصوا مما فيهم من الشر وفتنوا به كما يفتن الذهب بالنار؛ ليتميز طيبه من خبيثه، والنفوس فيها شر، والامتحان يمحص المؤمن من ذلك الشر الذي في نفسه، قال تعالى: {وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} [آل عمران: 140، 141] ، وقال تعالى: {وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم} [آل عمران: 154] ، ولهذا قال صالح عليه السلام لقومه: {طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون} [النمل: 47] . ولهذا كانت المصائب تكفر سيئات المؤمنين وبالصبر عليها ترتفع درجاتهم، وما أصابهم في الجهاد من مصائب بأيدى العدو، فإنه يعظم أجرهم بالصبر عليها. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من غازية يغزون في سبيل الله، فيسلمون ويغنمون إلا تعجلوا ثلثي أجرهم، وإن أصيبوا وأخفقوا تم لهم أجرهم ". وأما ما يلحقهم من الجوع والعطش والتعب، فذاك يكتب لهم به عمل صالح، كما قال تعالى: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين} [التوبة: 120] وشواهد هذا كثيرة. اهـ.

وأخيرا نذكر السائل بأن المصيبة قد أضيف في القرآن للنبي المعصوم صلى الله عليه وسلم، حيث يقول الله تعالى: إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون {التوبة:50}، وقد تعاقب التعبير بها وبالابتلاء في السياق الواحد في القرآن، كما في قوله سبحانه: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون {البقرة: 155/156/157}،  فجاء التعبير في الآية الأولى بالابتلاء، وفي الثانية بالمصيبة. وكذلك قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين {آل عمران:152}، فعبر بالابتلاء بعد ذكر المعصية وقبل ذكر العفو، وقال الراغب في (المفردات): المصيبة أصلها في الرمية، ثم اختصت بالنائبة ... وأصاب: جاء في الخير والشر ... الإصابة في الخير اعتبارا بالصوب، أي: بالمطر، وفي الشر اعتبارا بإصابة السهم، وكلاهما يرجعان إلى أصل. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات