موقف الشرع من منع الوالد لولده من طلب العلم الشرعي والعلاج بالقرآن

0 194

السؤال

هل يحق لوالدي أن يمنعني من قراءة الكتب الدينية أو طلب العلم الشرعي أو العلاج بالقرآن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه وطلبه العلم الشرعي، ونسأل الله تعالى أن يفقهنا وإياه في دينه.

ولتعلم أن العلم الشرعي قسمان: قسم يجب على كل مكلف تعلمه، وهو فرض العين الذي به يصح إيمانه وعقيدته وعباداته؛ قال الأخضري المالكي في مقدمته: أول ما يجب على المكلف: تصحيح إيمانه ثم معرفة ما يصلح به فرض عينه كأحكام الصلاة والطهارة والصيام. فهذا القسم من العلوم الشرعية لا تجوز طاعة الوالد فيه إذا منعك من تعلمه، وهو الذي جاء فيه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.

أما القسم الثاني: فتعلمه فرض كفاية، فلا يجب على كل أحد ما لم يتعين عليه، وهو ما زاد على فرض العين كمعرفة علوم القرآن وعلوم الحديث وأبواب الفقه.. والتوسع في العلوم الشرعية؛ قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ: طلب العلم قسمان: فرض عين، وفرض كفاية، ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك. فهذا القسم إذا منعك منه الوالد فالأولى أن تطيعه في ظاهر الأمر تأدبا معه ومصاحبة له بالمعروف وتجنبا لما يغضبه، ولا حرج عليك إذا خلوت بنفسك أو كنت في مكان لا يراك فيه أن تقرأ القرآن وتتعلم من العلم الشرعي ما يدلك على ربك ويبصرك بأمر دينك، ويحصنك من شياطين الإنس والجن، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 51180 65351.

وإذا منعك من العلاج بالقرآن فإن كنت تتضرر بترك هذا العلاج فإن طاعته لا تجب عليك. قال العدوي المالكي ـ رحمه الله ـ في حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني: وكذا لا يجب طاعتهما فيما كان في تركه ضرر، مثل : أن يأمراه بترك معيشة، أو صناعة. اهـ

وقال ابن حجر الهيتمي ـ رحمه الله ـ  في الزواجر عن اقتراف الكبائر: كما يعلم من ضابط العقوق الذي هو كبيرة, وهو أن يحصل منه لهما أو لأحدهما إيذاء ليس بالهين أي عرفا, ويحتمل أن العبرة بالمتأذ, ولكن لو كان في غاية الحمق أو سفاهة العقل فأمر أو نهى ولده بما لا يعد مخالفته فيه في العرف عقوقا لا يفسق ولده بمخالفته حينئذ لعذره. اهـ

هذا، ونوصيك بتقوى الله تعالى وتعلم شرعه والإحسان إلى والدك ومعاملته بالحكمة والرفق واللين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة