السؤال
أريد شرحا مفصلا لهذه العبارة: "قال المصنف: أو ينوي بطهارته استباحة نحو صلاة. وهذا في غير دائم الحدث، وأما هو فيتعين في حقه نية الاستباحة، لكن لا يحتاج دائم الحدث إلى تعيين نية فرض بخلاف التيمم".
أريد شرحا مفصلا لهذه العبارة: "قال المصنف: أو ينوي بطهارته استباحة نحو صلاة. وهذا في غير دائم الحدث، وأما هو فيتعين في حقه نية الاستباحة، لكن لا يحتاج دائم الحدث إلى تعيين نية فرض بخلاف التيمم".
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتوضيح ما اشتملت عليه هذه العبارة على النحو الآتي:
فقوله: "أو ينوي بطهارته استباحة نحو صلاة" يفيد أن المتوضئ أو المغتسل ينوي رفع الحدث أو استباحة ما تشترط له الطهارة؛ كالصلاة، ومس المصحف، والطواف، فإذا نوى استباحة الصلاة أو مس المصحف أو الطواف ارتفع حدثه بذلك، وهذا إذا لم يكن الشخص دائم الحدث، كصاحب السلس ونحوه، فإن كان دائم الحدث فإنه لا يجزئه أن ينوي رفع الحدث، وإنما تتعين في حقه نية استباحة الصلاة؛ لأن حدثه لا يرتفع إذا نوى رفعه لكونه حدثا دائما، ومن العلماء من رجح أنه لو نوى رفع الحدث أجزأه؛ قال اللبدي في حاشيته: قوله: "وتتعين نية الاستباحة" أي: فلا يجزئ نية رفع الحدث؛ لأنه دائم، أي: فينافي نية رفعه؛ لأن شرط رفعه انقطاع ما يوجبه، ولم يوجد. هذا معنى ما قرروه هنا. والأشبه: أنه يجزئ نية رفع الحدث؛ لأن الانقطاع ليس شرطا للحاجة. ويؤيده قولهم: "ويرتفع حدثه" وإلا لزم أن الذمية التي تغتسل للوطء أنها تنوي الاستباحة؛ لأن الحدث لا يرتفع بدون نية، وهي ليست من أهلها، فلم يقله أحد. انتهى.
وعلى ما قرروه من كونه ينوي الاستباحة؛ فتمام شرح العبارة: أنه لا يلزمه تعيين نية فرض، بخلاف التيمم؛ فإن تعيين ما يتيمم له شرط فيه، ومعناه: أنه لو تيمم لنفل لم يستبح به الفريضة، بل لو تيمم وأطلق النية لم يستبح به الفريضة على ما قرروه؛ لأن طهارة التيمم طهارة ضرورة فافتقرت إلى تعيين النية، فهذا معنى تعيين نية الفرض في التيمم، قال صاحب زاد المستقنع: وإن نوى نفلا أو أطلق لم يصل به فرضا. قال شارحه الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله-: قوله: وإن نوى نفلا، أو أطلق لم يصل به فرضا، مثاله: تيمم للراتبة القبلية، فلا يصلي به الفريضة؛ لأنه نوى نفلا، والتيمم على المذهب استباحة، ولا يستبيح الأعلى بنية الأدنى. وقوله: أو أطلق، أي: نوى التيمم للصلاة، وأطلق فلم ينو فرضا ولا نفلا، لم يصل به فرضا، وهذا من باب الاحتياط. قوله: وإن نواه صلى كل وقته فروضا ونوافل، أي: إذا نوى التيمم لصلاة الفريضة، صلى كل وقت الصلاة فرائض ونوافل. فله الجمع في هذا الوقت وقضاء الفوائت، ويصلي النوافل الراتبة وغير الراتبة ما لم يكن الوقت وقت نهي. انتهى.
وهذا على المعتمد في مذهب الحنابلة ومن وافقهم، وأما من يرى أن التيمم يرفع الحدث فلا يشترط على قوله هذا الشرط، وإنما ينوي ما ينويه بالوضوء. فتحصل أن ما اشتمل عليه هذا الكلام من المسائل هو أن المتطهر يلزمه نية رفع الحدث أو استباحة الصلاة وما في معناها، وأن صاحب الحدث الدائم كالسلس لا تجزئه نية رفع الحدث، وإنما يلزمه نية استباحة الصلاة، وأنه لا يلزمه نية الفرضية، بل لو تيمم لنافلة أجزأه أن يصلي بها الفريضة، وأما المتيمم فيلزمه تعيين نية الفرضية.
والله أعلم.