الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب المالكية في نية من ترك لمعة لم يغسلها في الغسلة الأولى

السؤال

سؤالي حول الوضوء: واستحضار نية الفرض والسنة في الغسلة الأولى، والثانية، والثالثة.
قبل هذا كنت حين الوضوء أغسل 3 غسلات على أساس أنه على الأقل هناك غسلة كاملة، تم تعميم الماء فيها سواء كانت الأولى أو الثانية أو الثالثة، وفي نفس الوقت نعلم أن الغسلة الثانية والثالثة هي سنة، لكن هل يجوز أن ننويها سنة؟ وفي نفس الوقت تكملة للغسلة الأولى التي بقيت فيها أماكن لم يصلها الماء في العضو؟
فأحيانا أتوضأ وأترك التخليل بين الأصابع إلى الغسلة الأخيرة، لكن راودتني فكرة أن تلك الغسلة الأخيرة سنة، وما معها سنة، ولم يكن فرضا، ومن جهة أخرى لو نسيت مكانًا لم يصله الماء في الغسلة الأولى لكن وصله في الثانية، والثالثة وتذكرته بعد الثالثة، هل أعيد غسلة أخرى أنويها فرضًا، ثم أقوم بغسلتين بعدها أم أن ذلك ليس شرطًا
رجاءً أفيدونا، وحبذا على المذهب المالكي الذي ينتشر في الجزائر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام، على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا نويت رفع الحدث في أول الوضوء أجزأتك تلك النية، ولا يلزمك أن تحدث نية لكل غسلة من الغسلات، والذي ينص عليه فقهاء المالكية في المعتمد عندهم أنك إذا تركت لمعة لم تغسلها في الغسلة الأولى ثم غسلتها بنية الفضيلة غسلة ثانية فإن هذا لا يجزئ، والذي يخرج من هذا هو أن تنوي الوضوء ولا تحدث لكل غسلة نية، فإنك إن لم تنو بالغسلة الثانية الفضيلة أجزأتك جميع الغسلات عن طهارتك الواجبة.

قال الدردير في الشرح الكبير: (أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً) مِنْ مَغْسُولِ فَرَائِضِهِ (فَانْغَسَلَتْ) فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ (بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) فَلَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ غَيْرِ الْفَرْضِ لَا تُجْزِئُ عَنْهُ، وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ؛ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ. قال الدسوقي في الحاشية: (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْزِئُ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ خَصَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَأَحْدَثَ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الَّتِي غُسِلَتْ بِهِمَا اللُّمْعَةُ. وَأَمَّا لَوْ نَوَى أَنَّ الْفَرْضَ مَا عَمَّمَ مِن الْغَسَلَاتِ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ لَمْ تُغْسَلْ بِالْأُولَى وَغُسِلَتْ بِالثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّ الْغَسْلَ يُجْزِي. انتهى،

وعند المالكية قول آخر بالإجزاء فيما إذا نوى بالغسلة الثانية الفضيلة؛ لكنه خلاف المعتمد، والذي بيناه لك هو الأولى، فتنوي بوضوئك رفع الحدث ولا تتعرض لنية الفضيلة بالغسلة الثانية أو الثالثة، ووضوؤك والحال هذه مجزئ.

وأما تخليل الأصابع فإنه واجب إذا كان الماء لا يبلغ ما تحتهما إلا بالتخليل، وأما فيما عدا ذلك فهو مستحب، وأما عند المالكية فتخليل الأصابع واجب في الوضوء، ثم هو مشروع في كل غسلة من الغسلات الثلاث.

قال الدسوقي رحمه الله: مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ فِي الْوُضُوءِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ كَتَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ... والتخليل في كل غسلة من الغسلات الثَّلَاثِ حَتَّى تُعَدَّ الْمَرَّةُ غسلة؛ كما قال شيخنا. انتهى.

وعلى هذا؛ فإنك لو خللت أصابعك في الغسلة الثانية، أو الثالثة فحسب، ولم تتعرض لنية الفضيلة بتلك الغسلة أجزأك ذلك على ما قررنا عند فقهاء المالكية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني