مواساة المصاب بموت الأبوين

0 186

السؤال

شخص عمره 17 عاما، وهو يتيم فقد أمه وهو في 12 وفقد أباه وهو في 15، ويعيش في المنزل وحيدا، ويشعر بكسر وجرح في نفسه، وله أختان تزوجتا، وكل منهما ذهبت في شأنها، انصحوني نصيحة قوية أوجهها له لأخرجه مما هو فيه، حيث أتواصل معه عن طريق الجوال، فأنا في السعودية وهو في مصر، تعرفت عليه من خلال الأنترنت.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يصبر هذا الشاب على فقد والديه وما يلاقيه من ظروف نفسية بسبب فقدانهما، ونوصيه بالصبر واحتساب الأجر، فمن تصبر ودرب نفسه على الصبر صبره الله وأعانه وسدده، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم: من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر. متفق عليه.

ومما يعين على الصبر علم العبد بأن الدنيا فانية وزائلة، وكل ما فيها يتغير ويزول، فهي دار مجاز لا دار قرار، قال الله تعالى: كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون {القصص:88}.

وقال تعالى: فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون {الشورى:36}.

وقال الله عز وجل: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون {العنكبوت:64}.

وكذلك نوصيه بالإكثار من ذكر الله عز وجل وطاعته، والمحافظة على الصلوات، وسائر الطاعات، واجتناب ما نهى الله عنه من المعاصي والسيئات، فهذا من أعظم أسباب الشفاء من الأمراض النفسية وغيرها ـ بإذن الله ـ ونذكره بما أعده الله من عظم الجزاء لمن عظم بلاؤه، فقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث أنس ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. وحسنه الألباني.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة: في نفسه، وماله، وولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.

وأن من أراد الله به خيرا أصابه بالمصائب، ليثيبه عليها، لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يصب منه. رواه البخاري.

وأن أمر المؤمن كله خير في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، لحديث صهيب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له. رواه مسلم.

وأن المصيبة تحط الخطايا حطا كما تحط الشجرة ورقها، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها. متفق عليه.

وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها. رواه مسلم.

وأخيرا ننصح هذا الشاب بالبعد عن العزلة، والبحث عن الرفقة الحسنة، فإن في مخالطتهم خيرا كثيرا ـ بإذن الله ـ جاء في الموسوعة الفقهية: إن المخالطة فيها اكتساب الفوائد، وشهود شعائر الإسلام، وتكثير سواد المسلمين، وإيصال الخير إليهم ولو بعيادة المرضى وتشييع الجنائز وإفشاء السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى، وإعانة المحتاج، وحضور جماعاتهم، وغير ذلك مما يقدر عليه كل أحد. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات