السؤال
قرأت أن من أحب دوام نعمة فليكثر من الحمد والشكر عليها، ولكنني إذا أردت أن أحمد الله على هذه النعمة فإنني أشعر أنني أحمده فقط ليديم النعمة علي، وليس شكرا، وعندها أتوقف عن الحمد، فما الحل؟.
وجزاكم الله خيرا.
قرأت أن من أحب دوام نعمة فليكثر من الحمد والشكر عليها، ولكنني إذا أردت أن أحمد الله على هذه النعمة فإنني أشعر أنني أحمده فقط ليديم النعمة علي، وليس شكرا، وعندها أتوقف عن الحمد، فما الحل؟.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشعور لا بأس به إذا كان حمدك لله تعالى خالطته نية غير الرياء، بحيث يكون العمل لله مع ما ترجوه من ثواب الدنيا على هذا العمل الذي رتبه الشارع عليه، كقوله تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد {إبراهيم:7}،
وكقوله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. متفق عليه.
ولكن ينقص الأجر بهذه المخالطة، وأما إن كان المقصود من العمل هو ثواب الدنيا دون نية التعبد لله، فهذا لا أجر لصاحبه فيه، قال ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم: إن خالط نية الجهاد مثلا نية غير الرياء، مثل أخذ أجرة للخدمة، أو أخذ شيء من الغنيمة، أو التجارة، نقص بذلك أجر جهادهم، ولم يبطل بالكلية، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إن الغزاة إذا غنموا غنيمة، تعجلوا ثلثي أجرهم، فإن لم يغنموا شيئا، تم لهم أجرهم ـ وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضا من الدنيا أنه لا أجر له وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا، وقال الإمام أحمد: التاجر والمستأجر والمكاري أجرهم على قدر ما يخلص من نيتهم في غزاتهم، ولا يكون مثل من جاهد بنفسه وماله لا يخلط به غيره، وقال أيضا فيمن يأخذ جعلا على الجهاد: إذا لم يخرج لأجل الدراهم فلا بأس أن يأخذ، كأنه خرج لدينه، فإن أعطي شيئا أخذه، وكذا روي عن عبد الله بن عمرو، قال: إذا أجمع أحدكم على الغزو، فعوضه الله رزقا، فلا بأس بذلك، وأما إن أحدكم إن أعطي درهما غزا وإن منع درهما مكث ، فلا خير في ذلك، وكذا قال الأوزاعي: إذا كانت نية الغازي على الغزو، فلا أرى بأسا، وهكذا يقال فيمن أخذ شيئا في الحج ليحج به: إما عن نفسه، أو عن غيره، وقد روي عن مجاهد أنه قال في حج الجمال وحج الأجير وحج التاجر: هو تمام لا ينقص من أجورهم شيء، وهذا محمول على أن قصدهم الأصلي كان هو الحج دون التكسب. انتهى.
وتوقفك عن الحمد توقف غير سديد، بل الأكمل المواظبة عليه مع صرف النظر عن ملاحظة ثواب الحمد والشكر الدنيوي، فإن لم تستطع صرف النظر عن ملاحظة الثواب الدنيوي فاجعل العبادة أصلا والثواب الدنيوي تابعا للأصل وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 192455.
والله أعلم.