السؤال
شخص تاب من معاص معينة، وأرسل لأقرانه ـ الذين كان سببا في دعوتهم إلى هذه المعاصي ـ أرسل لكل منهم يطلب منه أن يتركها، وأن يمسح آثارها لديه؛ كالأغاني وغيرها؛ كي لا يتحمل إثمها بعدما تاب، ورغبهم في ذلك بحديث تفريج كربة المسلم، فوافق البعض، والبعض أنكر أن يكون هو سببا في دعوتهم في كلام يوحي بأنهم سيستمرون في هذه المعاصي، (مع أن المرسل شبه متأكد أنه هو أول من دعاهم).
والبعض وافق على مسح ما لديه مع الإنكار أنها معاص، (يرى مثلا أن الأغاني غير الفاحشة، ورسم ذوات الأرواح حلال)، والبعض لم ير الرسالة، أو ربما رآها واكتفى بعدم التعليق.
فهل برئت ذمة المرسل هكذا وسقط الواجب عنه؟ أم يجب عليه مناقشة أصحاب القسم الثاني والثالث، ومحاولة الوصول إلى القسم الرابع قدر الإمكان؟
علما أنه يأخذ بالقول القائل أن على الإنسان مسح آثار ذنوبه كأخذ بالأحوط، ولأن به بعض الوسوسة.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم هذا الشخص التائب أنه متى تاب من ذنبه توبة صادقة، فإنه لا يتحمل شيئا من أوزار غيره، وإن بقي أثر ذنبه ما دام قد صدق في التوبة؛ لأنه فعل ما يقدر عليه، فينصح ما أمكنه نصحه ممن لا يزال مصرا على سماع الأغاني، ويبين حرمتها لمن يمكن أن يقنعه بها، ثم لا يضره إن لم يستجيبوا، فإن الهدى هدى الله، وليجتهد في الدعوة إلى الله ونصيحة الناس، عالما أنه ليس عليه هدى الناس، ولكن عليه أن يبلغ ما يستطيع ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما قال تعالى: فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر {الغاشية:21/22}، وليدع هذا الشخص عنه الوساوس، وليعلم أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأن الله تعالى رحيم بعباده قد وسعت رحمته كل شيء، فيكفيه أن يناصح هؤلاء الناس ويبين لهم حرمة ما دعاهم إليه، ومن عجز عن مناصحته فلا تبعة عليه في ذلك، فالتوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.