السؤال
السؤال عن الصبر؛ لقد ابتليت بمصيبة، فأصابني مرض الاكتئاب، وإن للمرض انفعالات خاصة به تبعدك عن الصبر، ولكن -والحمد لله- بعد أخذ مجموعة من العلاجات تحسنت حالتي، وبحثت فوجدت أن الصبر عند الصدمة الأولى، ولا ينفع الصبر بعد ذلك، مع العلم أنني كنت بعيدا عن الله في تلك الأيام (عند الحالة النفسية)، لكن هذه الصدمة غيرت مسار حياتي، فاستغفرت وأخذت أبحث عن كل ما يمكن أن يكفر السيئات ويرفع الدرجات، ولكني الآن حزين لعدم صبري وضياع الأجر العظيم، وأستغفر الله من ذنبي، وما زال الابتلاء موجودا، ولكن الآن أنا صابر منشرح الصدر. فهل ينفع صبري أم ضاع الأجر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" قد بينه الشوكاني بقوله: والمعنى: إذا وقع الثبات أول شيء يهجم على القلب من مقتضيات الجزع، فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر، وأصل الصدم ضرب الشيء الصلب بمثله، فاستعير للمصيبة الواردة على القلب. وقال الخطابي: المعنى: أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك. وقال غيره: إن المراد: لا يؤجر على المصيبة؛ لأنها ليست من صنعه، وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره. انتهى.
فإن كان ثواب هذا الصبر عند أول المصيبة قد فاتك بسبب ما ألم بك من مرض فلا تجزع، فإنك غير آثم لما أصابك من الاكتئاب إذا كان بغير اختيارك، فإن وطنت نفسك على الصبر والاحتساب، وأكثرت من الاسترجاع، واجتهدت في الأعمال الصالحة، فإن الله تعالى لا يضيع أجرك؛ لأنه -سبحانه- لا يضيع أجر المحسنين، وما دام الألم باقيا فإنك كلما أحدثت صبرا أحدث الله لك أجرا، فأحسن ظنك به، وأقبل عليه، واجتهد في مراضيه، وسله من فضله العظيم، واصبر على ما نزل بك من البلاء، وسل الله العون والتخفيف عنك، فإنه -سبحانه- أكرم مسؤول.
والله أعلم.