السؤال
في قوله تعالى: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون.
هل يدخل فيها الوالدان الكافران أو المشركان؟ وإذا كان يدخل من ضمن الآية الوالدان فكيف تكون المصاحبة بالمعروف؟
أتمنى التوضيح والشرح، وهل المصاحبة بالمعروف تشمل -مثلا- الخروج معهم إلى أي مكان إذا طلبوا ذلك والجلوس عندهم ومعهم أم هذا يعد ركونا إليهم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد يدخل الركون إلى الوالدين الكافرين في الركون إلى الذين ظلموا، وذلك إذا قبل ولدهما المسلم منهما اتباعهما على دينهما أو رضي أعمالهما الكفرية، أو أعانهما على الظلم أو استعان بهما عليه.
ولا يعني عدم جواز ركون الولد المسلم إلى والديه -فيما سبق ذكره- أنه لا يصاحبهما بالمعروف، فليس هنالك تعارض بينهما، وقد بين ذلك ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره حيث قال: وقوله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} أي: إن حرصا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على دينهما، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا، أي: محسنا إليهما، {واتبع سبيل من أناب إلي} يعني: المؤمنين، {ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون}. انتهى.
فقول ابن كثير: (فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعنك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفا) هو جمع بين المقامين، ويوضحه ما ذكره في تفسيره من معنى الركون إلى الذين ظلموا، حيث قال -رحمه الله-: وقوله: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: لا تدهنوا. وقال العوفي، عن ابن عباس: هو الركون إلى الشرك. وقال أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم. وقال ابن جريج، عن ابن عباس: ولا تميلوا إلى الذين ظلموا. وهذا القول حسن، أي: لا تستعينوا بالظلمة فتكونوا كأنكم قد رضيتم بباقي صنيعهم. انتهى.
ولا يعد الخروج والجلوس مع الوالدين الكافرين من الركون إلى الذين ظلموا، بل هو من المصاحبة بالمعروف، بشرط أن لا يكون في الخروج أو الجلوس إقرار أو إعانة لهم على الظلم بأنواعه، وأشد أنواعه الكفر بالله، ثم من بعده الكبائر كشرب الخمر.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 101316.
والله أعلم.