السؤال
لدي مشكلة، وأرغب في معرفة رأي الشرع فيها: كانت لأمي قطعة من الأرض ورثتها من أبيها، واقترح أبي أن يبني على تلك الأرض بيتا لنا، ويكتب هذا البيت باسمها، وقد فعل، مع العلم أن أبي كان متزوجا من قبل، ومنجبا لثلاثة بنات، وتوفي أبي وترك البيت لأمي، فهل هذا يعتبر ظلما لأخواتي البنات؟ وهل الدخل الذي نحصله من البيت يعد مالا حراما؟ وإن كان كذلك، فماذا علينا أن نفعل لرد المظلمة؟ وإن رفضت أمي إعطاء أخواتي شيئا، فما موقفي أنا حتى أتبرأ من الحرام؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالبيت المذكور إن كان أبوكم كتبه باسم أمكم على أنه وصية تأخذه بعد مماته، فهذه وصية لوارث، وهي ممنوعة شرعا، ولا يكون البيت لها إلا إذا أذن الورثة بذلك، وكذا إن كتب البيت باسمها على أنه هبة لها في حياته، ولكنها لم تحزه، فهذه هبة لم يتم قبضها حتى مات؛ فتأخذ حكم الوصية الآنفة الذكر.
وأما إن حازته فهذه هبة لازمة، وصحيحة، وتحصل الحيازة بأن يخلي البيت من أمتعته، ويتركه لها إن كان هو بيت السكنى، وإن لم يكن بيت سكناه فبأي تخلية بينها وبينه يتم القبض؛ يقول خليل في مختصره: وقبض العقار بالتخلية. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 114780.
وإذا كانت الهبة صحيحة، فإنه لا شيء فيها، ولا تعتبر ظلما؛ لأن الزوج يجوز له عند أكثر أهل العلم أن يخص من شاء من زوجاته بالهبات، والعطايا، دون أن يعطي مثلها لبقية زوجاته، أو أبنائه.
وعلى أية حال؛ فإن هبته لزوجته إن كانت هبة صحيحة اختصت بها -كما قلنا-، وإلا فإنها ترد إلى الإرث لتقسم بين كل الورثة.
مع ملاحظة أن الأرض التي تم عليها البناء ملك لأمكم -كما ذكرت-، وفي هذه الحالة فليس للورثة إلا البناء الذي عليها -وهي شريكة لهم فيه بحسب نصيبها في التركة-، وفي المسألة خلاف بين أهل العلم حول ما يجب لهم، هل هو قيمة البناء منقوضا أم قائما؟ وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين: 65439، 75036.
وأما حلية الدخل الذي تتحصلون عليه من البيت: فتنبني على ما سبق؛ فإن ثبت أن فيه حقا لأخواتك -على النحو الذي تقدم- فينبغي أن تناصح أمك، وتطلب منها أن تعطيهن حقهن، ونرجو أن تقبل منك ذلك.
والله أعلم.