السؤال
هل يشترط في حصول الذكاة الشرعية نية التذكية؟ فإذا أطلقت النار على صيد معين فلم يصبه، ولكن أصاب صيدا آخر بالخطأ، ولم يكن الصياد قد نوى قتل ذلك الصيد بعينه، فهل يحل أكله؟ أو أطلق النار ليلا للتسلية، أو لتجربة البندقية، فتبين في النهار أنه قتل صيدا، فهل هو حلال الأكل؟ أو أن رجلا هاجمه ثوره، فأطلق النار عليه، فقتله، ولم يكن في نيته القتل للتذكية، ولكن للدفاع عن النفس، فمات الثور، ولم يذكه، فهل هو حلال الأكل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا نوى الشخص الصيد بحيث قصد رمي صيد معين, فأصاب غيره, فإنه يؤكل عند بعض أهل العلم، وهو الذى رجحه ابن قدامة في المغني تعليقا على قول الخرقي: وإذا سمى، ورمى صيدا، فأصابت غيره، جاز أكله):
وإن قصد صيدا، فأصابه، وغيره، حلا جميعا، والجارح في هذا بمنزلة السهم. نص أحمد على هذه المسائل. وهو قول الثوري، وقتادة، وأبي حنيفة، والشافعي، إلا أن الشافعي قال: إذا أرسل الكلب على صيد، فأخذ آخر في طريقه، حل، وإن عدل عن طريقه إليه، ففيه روايتان. وقال مالك: إذا أرسل كلبه على صيد بعينه، فأخذ غيره، لم يبح؛ لأنه لم يقصد صيده، إلا أن يرسله على صيود كبار، فتتفرق عن صغار، فإنها تباح إذا أخذها.
ولنا: عموم قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة: 4]، وقوله عليه السلام: إذا أرسلت كلبك، وذكرت اسم الله عليه، فكل مما أمسك عليك، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل ما ردت عليك قوسك. ولأنه أرسل آلة الصيد على صيد، فحل ما صاده، كما لو أرسلها على كبار فتفرقت عن صغار، فأخذها، على مالك، أو كما لو أخذ صيدا في طريقه، على الشافعي. انتهى.
إما إذا لم يكن الشخص قد استحضر نية الصيد أصلا, بل كان رميه بقصد تجربة البندقية, أو للتسلية, فأصاب صيدا: فإنه ميتة لا يؤكل لعدم نية الصيد؛ جاء في المغني لابن قدامة الحنبلي: ويعتبر أن يقصد الصيد، فلو رمى هدفا فأصاب صيدا، أو قصد رمي إنسان، أو حجر، أو رمى عبثا غير قاصد صيدا فقتله، لم يحل. انتهى.
وبخصوص إطلاق النار على ثور دفاعا عن النفس, وليس بقصد التذكية: فإنه لا يبيح أكله, وإنما يباح عند الجمهور مع نية الذكاة؛ جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: إذا ند بعير، أو شرد بقر، أو غنم، بحيث لا يقدر صاحبه على ذكاته في الحلق، واللبة، ألحق بالصيد (أي: الحيوان المتوحش الممتنع)، وكذلك ما وقع منها في قليب، أو بئر فلم يقدر على إخراجه، ولا تذكيته، وكذا ما صال على صاحبه فلم يتمكن من ذبحه، كل ذلك حكمه حكم الصيد؛ يحل بالعقر، والجرح بسهم، أو نحوه مما يسيل به دمه في أي موضع قدر عليه، وهذا عند جمهور الفقهاء: (الحنفية، والشافعية، والحنابلة). انتهى.
والله أعلم.