لا تعارض بين وعد الله بالحياة الطيبة للمؤمنين وبين الابتلاءات

0 355

السؤال

السلام عليكم
كيف يوفق المسلم التقي بين ابتلاءات الله له للتمحيص وبين قول الله تعالى للمؤمن: (فلنحيينه حياة طيبة) (يجعل له مخرجا) (لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:فإن ابتلاء المؤمن بالمصائب لا يتنافى مع تكريم الله له، ولا يتعارض مع ما وعده الله تعالى به من الحياة الطيبة، وكثرة الخير، وذلك لأن ابتلاء الله تعالى لخلقه له حكمة، كما أن إكثار الخير بين أيديهم له حكمة، وحكمة الله لا تتعارض أبدا وإن اختلفت محالها، إذ لو حصل تعارض بينها لكان علامة على نفي اسم من أسماء الله تعالى وهو (الحكيم) أو على الأقل اتصافه بالنقص فيه، والله تعالى منزه عن النقص، فقد قال عن نفسه: ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم [النحل:60].وقال الله تعالى: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [الأعراف:180].وقد مضى بيان الابتلاء مع حكمة الله منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10454، 12222، 13849، 13270، 17831، 29463. كما أن الحياة الطيبة المذكورة في الآية لا تنحصر في الطعام والشراب واللباس ونحوها من الأشياء، بل قال بعض المفسرين: الحياة الطيبة هي حلاوة الطاعة، وقال بعضهم: هي المعرفة بالله. والصواب من ذلك -والله أعلم- أن الحياة الطيبة هي العيش في طاعة الله، والبعد عن معصيته، لأن ذلك يحقق له السعادة وانشراح الصدر، والحياة لا تكون طيبة بدون سعادة، ولا سعادة إلا في ذلك، قال الله عز وجل: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى [طـه:124].وأمامنا أعظم مثل وهو الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي، وكثير من أصحابه كانوا فقراء، فهل كان هذا بسبب عدم طاعتهم وتقاهم؟ أم كان بعدم حب الله لهم؟ والحق أن الأمر ليس كذلك، لأن إغداق النعم ليس دليلا على التكريم، كما أن منعها ليس دليلا على الإهانة، قال حافظ الحكمي في السبل السوية في فقه السنن المروية: لو كان في الفقر ازدراء لم ير ====== آل النبي والصحاب فقرا كما أن قوله تعالى: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون [الأعراف:96].لا يحد في الزينة الظاهرة للدنيا، بل يعم النعم الظاهرة والباطنة، قال صديق خان في فتح البيان: والأولى حمل ما في الآية على ما هو أعم من ذلك من الخيرات والأنعام والأرزاق والأمن والسلامة من الآفات، وجميع ما فيها، وكل ذلك من فضل الله وإحسانه، وأصل البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء. انتهى. وبهذا القدر نكتفي في بيان المقصود، وبرجوع السائل إلى تفسير الآيات التي ذكر في كتب التفسير المعتمدة يتبين له الأمر أكثر من ذلك. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات