أكل لحوم أهل الكتاب في بلادهم

0 172

السؤال

أنا شاب متزوج مسلم -والحمد لله- أسكن في منطقة بألمانيا لا يوجد بها لحم حلال، وزوجتي حامل، ويجب أن تتناول اللحوم، ولم أجد إلا دجاجا حلالا فقط، فهل يجوز أكل لحم الأوربيين؟ علما أن بعض الشركات تذبح لحم الخنزير، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فقد سئل الشيخ ابن عثيمين: عن أكل لحوم أهل الكتاب في بلادهم, علما بأنهم لا يذبحون بالذبح الشرعي؟

فأجاب: قال الله عز وجل: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {المائدة:5} وسكت, فما يعتقدونه طعاما ولم يحرم بعينه، فهو حلال ولا تسأل, إلا ما علمت يقينا أنه حرام, فمثلا الخنزير لا نأكله؛ لأنه حرام بعينه، الضأن والمعز نأكلها إلا إذا علمنا أن هذه الشاة نفسها ذبحت على غير الطريقة الإسلامية, على أن بعض العلماء السابقين، واللاحقين يقولون: حتى ولو خنقوها خنقا وهم يعتقدونها حلالا، فهي حلال لك؛ لأن الله قال: وطعام الذين أوتوا الكتاب ـ فما اعتقدوه طعاما فهو حلال لنا, لكننا لا نرى هذا، نرى أنه لا بد من إنهار الدم، وذكر اسم الله عليه, إلا أننا إذا أتانا ممن تحل ذبيحته ليس علينا ـ بل ولا لنا ـ أن نسأل كيف ذبحتموه؟ وهل سميتم الله عليه؟ والدليل حديث عائشة عند البخاري قالت: إن قوما قالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ قال: سموا أنتم وكلوه ـ وهذه إشارة من الرسول عليه الصلاة والسلام أنه لا ينبغي السؤال, عليك بفعل نفسك أنت، سم وكل. اهـ.

وفي المسألة خلاف ولها أحوال متعددة، وقد بينا ذلك كله في الفتوى رقم: 129341، وإحالاتها.

وما كان محرما من اللحوم لعينه -كالخنزير-، أو لطريقة ذبحه- كالمصعوق ـ فلا يحل أكله إلا للضرورة، وضابطها كما جاء في المنثور للزركشي: فالضرورة: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك، أو قارب، كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم، والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرم .اهـ.

وقال ابن تيمية: وكلما جوز للحاجة، لا للضرورة، كتحلي النساء بالذهب والحرير، والتداوي بالذهب والحرير، فإنما أبيح لكمال الانتفاع؛ لا لأجل الضرورة التي تبيح الميتة، ونحوها؛ وإنما الحاجة في هذا تكميل الانتفاع؛ فإن المنفعة الناقصة يحصل معها عوز يدعوها إلى كمالها، فهذه هي الحاجة في مثل هذا، وأما الضرورة التي يحصل بعدمها حصول موت، أو مرض، أو العجز عن الواجبات، كالضرورة المعتبرة في أكل الميتة، فتلك الضرورة المعتبرة في أكل الميتة لا تعتبر في مثل هذا. اهـ.

وما ذكرته من أن زوجتك حامل، وتحتاج تناول اللحم: لا يبيح أكل اللحوم المحرمة، لكن إن وصلت إلى مرتبة الضرورة، بأن كان عدم تناولها للحم يؤدي إلى هلاكها، أو مقاربتها الهلاك، ولم تجد لحما حلالا، فإنه يجوز لها أكله بقدر الضرورة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة