السؤال
هناك حديث عن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إيجار الأرض: من كانت له أرض فليزرعها، أو فليمسكها، ولا يؤجرها.
وحديث آخر: كنا نؤجر الأرض بالثلث، والربع، والنصف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا. وحديث آخر: فأما بشيء معلوم، مضمون، فلا بأس.
احترت في الأمر؛ فأفيدوني.
وجزاكم الله خيرا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنهي عن كراء الأرض، محمول على صور معينة؛ للجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: قد ثبت إباحة كراء الأرض بالسنة، واتفاق الفقهاء المتبوعين. اهـ.
وبين -رحمه الله- أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن كراء الأرض، محمول على صورة معينة.
فقال في الفتاوى الكبرى أيضا: المراد بذلك الكراء الذي كانوا يعتادونه من الكراء والمعاوضة اللذين يرجع كل منهما إلى بيع الثمرة قبل أن تصلح، وإلى المزارعة المشروط فيها جزء معين. وهذا نهي عما فيه مفسدة راجحة، هذا نهي عن الغرر في جنس البيع، وذلك نهي عن الغرر في جنس الكراء العام، الذي يدخل فيه المساقاة، والمزارعة، وقد بين في كليهما أن هذه المبايعة، وهذه المكاراة، كانت تفضي إلى الخصومة والشنآن، وهو ما ذكره الله في حكمة تحريم الميسر، بقوله تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر} [المائدة: 91]. انتهى.
وما ذكره شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يشهد له الحديث المتفق على صحته، أن حنظلة بن قيس سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض؟ فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض، قال: فقلت: بالذهب، والفضة؟ قال: إنما نهى عنها ببعض ما يخرج منها، أما بالذهب والفضة، فلا بأس.
وفي رواية قال رافع: إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بما على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا، ويسلم هذا؛ ويسلم هذا، ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا؛ فلذلك زجر عنه. فأما شيء معلوم، مضمون، فلا بأس به. وفي رواية: كنا نكري الأرض على أن لنا هذه، ولهم هذه، فربما أخرجت هذه، ولم تخرج هذه.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 31018
والله أعلم.