السؤال
كيف نوفق بين آية: (فقال أنا ربكم الأعلى) و (ويذرك وآلهتك)؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر المفسرون أن فرعون كانت عنده آلهة، ويدعي أنه هو الرب الأعلى، وقيل إن المراد بالآلهة طاعته وعبادته.
ففي تفسير البغوي: قال ابن عباس: كان لفرعون بقرة يعبدها، وكان إذا رأى بقرة حسناء أمرهم أن يعبدوها، فلذلك أخرج السامري لهم عجلا. وقال الحسن: كان قد علق على عنقه صليبا يعبده. وقال السدي: كان فرعون قد اتخذ لقومه أصناما وأمرهم بعبادتها، وقال لقومه: هذه آلهتكم، وأنا ربها وربكم، فذلك قوله: أنا ربكم الأعلى [النازعات: 24]. اهـ.
وفي فتح القدير للشوكاني: واختلف المفسرون في معنى: وآلهتك؛ لكون فرعون كان يدعي الربوبية، كما في قوله: ما علمت لكم من إله غيري، وقوله: أنا ربكم.
فقيل معنى وآلهتك: وطاعتك، وقيل معناه: وعبادتك، ويؤيده قراءة علي وابن عباس والضحاك وإلهتك وفي حرف أبي أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض وقد تركوك أن يعبدوك وقيل: إنه كان يعبد بقرة، وقيل: كان يعبد النجوم، وقيل: كان له أصنام يعبدها قومه تقربا إليه، فنسبت إليه، ولهذا قال: أنا ربكم الأعلى. قاله الزجاج، وقيل: كان يعبد الشمس. اهـ
وفي التحرير والتنوير: والآلهة جمع إله، ووزنه أفعلة، وكان القبط مشركين يعبدون آلهة متنوعة من الكواكب والعناصر، وصوروا لها صورا عديدة مختلفة باختلاف العصور والأقطار، أشهرها (فتاح) وهو أعظمها عندهم، وكان يعبد بمدينة (منفيس)، ومنها (رع) وهو الشمس، وتتفرع عنه آلهة باعتبار أوقات شعاع الشمس، ومنها (ازيريس) و (إزيس) و (هوروس) وهذا عندهم ثالوث مجموع من أب وأم وابن، ومنها (توت) وهو القمر وكان عندهم رب الحكمة، ومنها (أمون رع) فهذه الأصنام المشهورة عندهم، وهي أصل إضلال عقولهم.
وكانت لهم أصنام فرعية صغرى عديدة، مثل العجل (إيبيس) ومثل الجعران وهو الجعل.
وكان أعظم هذه الأصنام هو الذي ينتسب فرعون إلى بنوته وخدمته، وكان فرعون معدودا ابن الآلهة، وقد حلت فيه الإلهية على نحو عقيدة الحلول، ففرعون هو المنفذ للدين، وكان يعد إله مصر، وكانت طاعته، طاعته للآلهة، كما حكى الله تعالى عنه: فقال أنا ربكم الأعلى [النازعات: 24] ما علمت لكم من إله غيري [القصص: 38]. اهـ.
والله أعلم.