السؤال
في الماضي تعديت على أموال بعض الناس، وأخذت منها بقصد، وغير قصد، وبعلم، وبجهل، وأنا الآن أعمل جاهدا لأرد الحقوق إلى أهلها، لكن عندي سؤال: أنا أدخر المال الآن لأرده لأصحابه، فإذا كنت في الطريق واشتهيت طعاما أو شرابا، فهل علي إثم إن اشتريته؟ وإذا رأيت هدية وأحببت شراءها وإهداءها لأمي، أو اشتريت حلويات لأخي الصغير، وليس ذلك أمرا ضروريا، فهل علي إثم في هذا أم إن هذا مكروه؛ لأنني لم أرد للناس جميع حقوقهم؟
وأنا أسألكم هذا السؤال؛ لأن الحقوق التي للناس عندي كثيرة، ما يقارب 3000 دولار، وراتبي في العمل 700 دولار في الشهر تقريبا، وأحتاج إلى وقت طويل لرد هذه الحقوق، فإنه يصعب علي، وأستحي طيلة هذه الفترة ألا أنفق شيئا من مالي على والدي، وأخواتي، أو رحمي، وهم يعلمون أنني أعمل، ولدي أموال، ولكن لا يعلمون أن علي أن أرد هذا المال لأصحابه، فالسؤال مرة أخرى: أنا أجتهد في رد الأموال لأصحابها، فهل علي إثم إن أنفقت بعضا من مالي على نفسي، ومن حولي، مع عدم وجود ضرورة لهذا الإنفاق؟ أجيبوني -أثابكم الله، جزاكم خيرا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فشكر الله سعيك، وأعانك على أداء تلك الحقوق إلى أصحابها.
وأما ما سألت عنه حول الصدقة، أو التبرع من مالك قبل قضاء الحقوق، فجوابه ما بيناه في الفتوى رقم: 222262.
ويمكنك إعلام أهلك، أو غيرهم ممن كنت تصله من مالك، أن عليك حقا يلزمك المبادرة إلى أدائه، وهذا هو ما يحول بينك وبين التبرع لهم بالمال؛ ليعذروك.
والجأ إلى الله تعالى لقضاء ديونك، فإنه سبحانه وتعالى يجيب من دعاه، ولا يخيب من لجأ إليه ورجاه، وإليك هذا الحديث العظيم المشتمل على دعاء علمه النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة، وقد لزمته ديون أهمته، وأقضت مضجعه، فعن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم، فإذا برجل من الأنصار، يقال له: أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني، وديون -يا رسول الله-، فقال: أفلا أعلمك كلاما إذا قلته أذهب الله همك، وقضى عنك دينك؟ قلت: بلى -يا رسول الله-، قال: قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من اله، والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. قال: فقلت ذلك، فأذهب الله تعالى همي، وغمي، وقضى ديني. رواه أبو داود.
والله أعلم.