السؤال
عندما أنزلت: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله.قالها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لقوم كان لهم ما يقارب 600 سنة بلا رسول.لماذا لم يعترضوا؟ وما الذي فهموه من الآية: أقصد المشركين؟
عندما أنزلت: ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله.قالها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لقوم كان لهم ما يقارب 600 سنة بلا رسول.لماذا لم يعترضوا؟ وما الذي فهموه من الآية: أقصد المشركين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هؤلاء المشركين لم يعترضوا؛ لأن هذه الآية التي ذكرتها، قد بين القرآن نفسه أنها عامة مخصوصة بأمته صلى الله عليه وسلم الذين هم أهل الفترة، كما قال تعالى: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون {يس:6}.
قال في تفسير حدائق الروح والريحان، ما عبارته: فإن قيل: كيف يجمع بين هذه الآية، وبين قوله تعالى: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون (6)}؟
قلت: معنى الآية: ما من أمة من الأمم الماضية إلا وقد أرسلت إليهم رسولا ينذرهم على كفرهم، ويبشرهم على إيمانهم؛ أي: سوى أمتك التي بعثناك إليهم، يدل على ذلك قوله: {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}، وقوله: {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم}. انتهى.
ومن العلماء من أجاب بجواب آخر، حاصله أن دعوة الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانت مشهورة لدى العرب، وهذا كاف في إقامة الحجة عليهم.
قال في فتح البيان: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) أي ما من أمة من الأمم الماضية إلا مضى فيها نذير من الأنبياء ينذرها، والأمة الجماعة الكثيرة، وتقال لكل أهل عصر، والمراد هنا أهل العصر، واقتصر على ذكر النذير دون البشير؛ لأنه ألصق بالمقام. فإن قلت: كم من أمة في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يخل فيها نذير؟ قلت: إذا كانت آثار النذارة باقية لم تخل من نذير إلا أن تندرس، وحين اندرست آثار نذارة عيسى عليه السلام، بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وآثار نذارته باقية إلى يوم القيامة؛ لأنه لا نبي بعده، فهل من مدكر، وهذا يقتضي أن أهل الفترة مكلفون؛ لبقاء آثار الرسل المتقدمة فيهم. انتهى.
وأيا ما كان الجواب، فلا إشكال بحمد الله في الآية. لمزيد من الفائدة يمكن مراجع الفتوى رقم: 363391 .
والله أعلم.