السؤال
إذا لم تفعل معصية لكيلا يتكلم الناس عنك بسوء، مثل ألا تزعج إخوتك؛ كيلا يتكلم الناس أنك أزعجتهم، أو لا تزعج أحدا؛ كيلا ترفع أمك صوتها عليك، فهل يعتبر هذا رياء؟
إذا لم تفعل معصية لكيلا يتكلم الناس عنك بسوء، مثل ألا تزعج إخوتك؛ كيلا يتكلم الناس أنك أزعجتهم، أو لا تزعج أحدا؛ كيلا ترفع أمك صوتها عليك، فهل يعتبر هذا رياء؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان ترك ما هو معصية لا لله، بل لغير الله، كتوقي كلام الناس وذمهم؛ فهذا يعتبر من الرياء، فقد قال محمد مولود الشنقيطي في منظومته: "مطهرة القلوب" في تعريف الرياء:
أعني الرياء احد البوائق إيقاع قربة لغير الخالق
بل طلبا لنفع او لحمد من خلقه او اتقاء الضد.
وقال ابن القيم في شفاء العليل، في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل: الترك ثلاثة أقسام: قسم يثاب عليه، وقسم يعاقب عليه، وقسم لا يثاب ولا يعاقب عليه.
فالأول: ترك العالم بتحريمها، الكاف نفسه عنها لله، مع قدرته عليها.
والثاني: كترك من يتركها لغير الله، لا لله، فهذا يعاقب على تركه لغير الله، كما يعاقب على فعله لغير الله؛ فإن ذلك الترك والامتناع فعل من أفعال القلب. فإذا عبد به غير الله، استحق العقوبة.
والثالث: كترك من لم يخطر على قلبه علما، ولا محبة، ولا كراهة، بل بمنزلة ترك النائم والطفل.
فإن قيل: كيف يعاقب على ترك المعصية حياء من الخلق، وإبقاء على جاهه بينهم، وخوفا منهم أن يتسلطوا عليه، والله سبحانه لا يذم على ذلك ولا يمنع منه؟
قيل: لا ريب أنه لا يعاقب على ذلك، وإنما يعاقب على تقربه إلى الناس بالترك، ومراءاتهم به، وأنه تركها خوفا من الله ومراقبة، وهو في الباطن بخلاف ذلك.
فالفرق بين ترك يتقرب به إليهم، ومراءاتهم به، وترك يكون مصدره الحياء منهم، وخوف أذاهم له، وسقوطه من أعينهم. فهذا لا يعاقب عليه، بل قد يثاب عليه، إذا كان له فيه غرض يحبه الله من حفظ مقام الدعوة إلى الله، وقبولهم منه، ونحو ذلك. اهـ.
والله أعلم.