السؤال
عندما أرغب في التصدق، أذهب إلى امرأة بائعة، وأعطيها مبلغا كبيرا، وأشتري منها جرجيرا مثلا، وأقول لها: احتفظي ببقية المال والجرجير معك؛ لأني سأذهب إلى مشوار، وعندما أرجع سآخذ منك بقية الفلوس، وفي نيتي أني لن أعود إليها، وأنه صدقة عليها، فهل هذا يعد كذبا، ويضيع مني أجر الصدقة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا ينبغي أن تفعلي ما ذكرته مع تلك المرأة لأمرين:
أولهما: لاشتماله على الكذب، فقولك: إنك ستعودين لأخذ النقود، مع نيتك عدم العودة، هذا يعتبر من الكذب.
ثانيهما: إذا تركت المال الباقي عندها مع ظنها أنك ستعودين لأخذه، هذا يجعل ذمتها في نظرها مشغولة بالمال المتبقي الذي صار وديعة بالنسبة إليها، وليس صدقة.
وإذا لم ترجعي إليها، فإنها تطالب هي شرعا بالسعي لإيصال المال إليك.
وإذا لم تجدك فإنها تطالب شرعا بالتصدق به عنك؛ لأن من كان عنده وديعة لأحد، وعجز عن الوصول إليه تصدق بها عنه، كما نص عليه الفقهاء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا كان بيد الإنسان غصوب، أو عوار، أو ودائع، أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها فإنه يتصدق بها عنهم، أو يصرفها في مصالح المسلمين، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين المصالح الشرعية.. اهــ.
فأنت في الحقيقة بهذا التصرف ترهقين تلك المرأة، وتكلفينها، وتشقين عليها، فلا تعودي لذلك.
وإذا أردت أن تتصدقي عليها، فملكيها المال لتتصرف فيه كما تشاء.
والله تعالى أعلم.