السؤال
أنا متزوجة، ولدي طفلان، ونسكن في بيت ملك، وزوجي يعمل في وظيفة ممتازة، ولديه سيارتان، وعمله يمتد حتى الليل؛ فهو غائب معظم اليوم، ولا يعود إلا متأخرا، وأنا أعمل كذلك، ولكن بعد الإنجاب استقطعت من وقت عملي لأعود مبكرا للمنزل، مع الاستقطاع من راتبي كذلك.
لدي خادمة، تكفلت أنا بتكاليف استقدامها، وزوجي يدفع راتبها، وهو يعطيني ألف ريال كل شهر فقط مصروفا للأولاد، مع العلم أن مبلغ الألف ريال أصرفه رسوم روضة لابني الأكبر؛ وبهذا لا يبقى من مصروفهم شيء، وأضطر إلى أن أتكفل باحتياجات الطفلين، وأحدهما رضيع مع كسوتهما، وزوجي لا يصرف علي منذ أن تزوجنا، بحجة أني موظفة، ورضيت مجبرة؛ حتى لا أنكد حياتي، وكنت أحاول تعليمه الكرم من خلال إغداقي عليه، لكن هذا لم يفد.
وبعد شراء البيت، أجبرني على تأثيثه، ورضيت مجبرة، فقد كان يشتري أثاثا زهيدا؛ تنكيلا بي، مع قدرته على شراء ما يليق.
أشعر بتقصيره، وأشعر بغضب في داخلي على استغلالي، وإهماله للنفقة، واعتماده علي، حيث كان يتأخر في توصيلنا صباحا، حتى تطور الأمر إلى معاقبتي في عملي، واضطررت أن أتحمل مصاريف مواصلاتي أنا وابني ذهابا وإيابا، بالإضافة إلى ضغوط الاستئذان حتى أوفق بين عملي، واحتياجات أبنائي، مع رفضه أن يتكفل بسائق.
لا أجد مخرجا من وضعي الحالي، فهو مقتدر وأنا لا أكلفه فوق طاقته، علما أنه لا يريد أن أترك العمل، فهو لن يصرف علي، فما النفقة التي أستحقها مع أبنائي؟ وهل يجب عليه توفير سائق لي ولأبنائه، إذا كان لا يلتزم بتوصيلنا بسبب غيابه طول اليوم؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام قد شرع الزواج ليكون سكنا لكل من الزوجين، ولتسود بينهما المحبة والألفة، قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون {الروم:21}.
فينبغي أن يكون بينكما الاحترام والتفاهم، والتعاون في أعباء الحياة الزوجية؛ لتستقر الأسرة، وينشأ الأبناء نشأة صالحة، فكل من الزوجين مطالب شرعا بأن يحسن عشرة الآخر، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم {البقرة:228}. ولمزيد الفائدة، نرجو مطالعة الفتوى رقم: 27662.
ونفقة الزوجة والأولاد واجبة على الزوج، فلا يلزم الزوجة أن تنفق على نفسها وأولادها، ولو كانت غنية.
وهذه النفقة مقدرة بالكفاية في المطعم والمشرب، والملبس، والمسكن.
وإن كانت الزوجة ممن يخدم مثلها، فيجب عليه أن يوفر لها خادما، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 118912. وأوضحنا فيها أيضا أن الزوج لا يجب عليه شرعا أن يوفر لزوجته سائقا.
وقد نص بعض الفقهاء على وجوب نفقة تعليم الأبناء، كما سبق وأن بينا كلامهم في ذلك بالفتوى رقم: 114979.
وبناء على هذا؛ فيلزمه توفير الوسيلة التي توصلهم للمدرسة ونحوها.
وأثاث بيت الزوجية واجب على الزوج، جاء في الموسوعة الفقهية: وإعداد البيت واجب على الزوج، فهو الذي يجب عليه أن يقوم بكل ما يلزم لإعداد مسكن الزوجية من فرش، ومتاع، وأدوات منزلية، وغير ذلك مما يحتاج إليه البيت؛ لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه للزوجة. انتهى.
والأولى مراعاة الوسط في ذلك، فلا إفراط ولا تفريط.
وننبه إلى أن المرأة لا يلزمها أن تعمل، ونفقتها على زوجها، كما أسلفنا.
والله أعلم.