السؤال
لأختي صديقة تقول إنها أحيانا لا تقتنع بتفسير العلماء، سواء للأحاديث أو القرآن، وتقول طالما لي عقل أستطيع أن أفسر مثلهم، فلن أفعل إلا ما أقتنع به.
فما حكمها؟ وماذا يجب أن تفعل أختي، خاصة أنني لا أعلم هل هي ترفض فقط التفسير الذي لم تقتنع به، أم ترفض الحديث بالكلية إن لم يقنعها؟
أختي حاولت من قبل أن تفهمها أنها لم تحقق الشروط لتستطيع الاجتهاد، لكنها رفضت.
وهل كلامي هذا، وعندما حكت لي أختي عنها لتعرف ماذا تفعل، يعد غيبة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الأخت صاحبة عقل كما تقول، فإن مقتضى العقل أن يرجع في كل فن إلى أهله العالمين به، المتخصصين فيه، وإلا فهي -مثلا- إذا مرضت هل تعالج نفسها؟
المؤكد أنها لا تفعل ذلك؛ لأن عقلها يدلها على ضرورة الرجوع إلى الأطباء الذين يحسنون العلاج، وهكذا في كل أمر من أمور الدنيا مهما كان تافها، فإذا تلف شيء من أثاث بيتها، فإنها ترجع في إصلاحه إلى أهل الخبرة العالمين بطرق ذلك، ففيم يكون الدين أهون شيء عليها، والواجب عكس ذلك؟ فإذا كانت ترجع إلى أهل الخبرة في كل فن والعلم بكل مجال، فالدين أولى لعظمة شأنه، ورفعة محله، ولترتب سعادة الدنيا والآخرة على التمسك به، هو أولى أن يرجع فيه إلى العالمين به، وألا يتجاسر على الخوض فيه بغير برهان وعلم محقق؛ قال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون {الأعراف:33}.
فجعل سبحانه الخوض في دينه بغير علم من كبائر الذنوب، وموبقات الأعمال، وأمر سبحانه بالرد إلى أهل العلم فيما أشكل، فقال: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {النحل:43}، {الأنبياء:7}. وفي الحديث: ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال. أخرجه أبو داود.
فعلى هذه الأخت أن تتقي الله تعالى، وترجع إلى مقتضى العقل إن كانت ذات عقل كما تقول، وتعطي القوس باريها، ولا تتكلف ما لا تحسن، ولا تخوض في دين الله بالهوى؛ فإن ذلك مخاطرة عظيمة، فليس لها رد تفسير أهل العلم للحديث أو غيره بمجرد هواها وفهمها، من غير اكتمال آلة الفهم عندها، وليس لها أن ترد من النصوص ما لا يوافق هواها؛ فإن هي فعلت فهي على خطر عظيم.
وليس ما ذكر لك من الغيبة، إن كان المراد مناصحتها، وبيان الصواب لها، فعليكم أن تناصحوها، وتطلعوها على هذه الفتوى المختصرة، وتذكروا لها نحو ما ذكرناه من الكلام من حرمة التجاسر على الخوض في الدين بلا علم، ومن وجوب الرجوع إلى العلماء في قليل الأمر وكثيره، كما قال تعالى: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم {النساء:83}.
والله أعلم.