السؤال
معي بعض المال، وأنفقه لأتمتع به. ومن حين لآخر أخرج صدقة من مصروفي -أنا في الخامسة عشرة من عمري- ولكن عندما أنفق مالي تمتعا -في أمور لا تغضب الله- أشعر بتأنيب ضميري؛ لأن هناك من هم جائعون ولا يمتلكون المال، وأنا أنفقه في التمتع، وأخاف عندما لا أجلب ما تشتهيه نفسي، أن أغار من زميلاتي، وتتكون في نفسي ضغينة.
فهل ضميري على صواب، وأن من الحرام أن أنفق مالي تمتعا به، وهناك مسلمون محتاجون، ويجب الإحساس بالمعاناة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على هذا الإحساس بإخوانك المسلمين، وشعورك بالمسؤولية تجاههم، ومعرفتك بالحق الذي لهم عليك فيما أعطاك الله تعالى، وجعلك مستخلفة فيه، كما قال تعالى: آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير {الحديد:7}.
بخصوص السؤال: فإنه يجوز لك أن تنفقي من مالك في المباحات؛ كما قال الله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق {الأعراف:32}.
فلا تأثمين بالتمتع بتلك الطيبات وهذه المباحات، ولكن كلما تصدقت وواسيت الفقراء والمساكين بما رزقك الله، كان ذلك خيرا لك وأعظم أجرا، يقول الله تعالى: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة {البقرة:245}. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا.
فعليك أن تحققي الموازنة بين هذين الأمرين، فاستمتعي بالمباحات بما لا يضر بك في غير إسراف ولا مخيلة؛ لقوله تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا {الأعراف:31}.
ولا تنسي حق الفقراء والمحتاجين بمواساتهم ببعض ما آتاك الله تعالى، وكلما أكثرت من ذلك، كان ذلك خيرا لك وأعظم أجرا، ولا تغاري من صاحباتك إذا أنفقن على المباحات وتصدقت أنت، بل عليهن هن أن يغبطنك على ما تفعلين؛ فإن إنفاق المال في مرضات الله تعالى، من الأمور الموجبة للحسد الذي هو الغبطة؛ كما في الحديث الثابت في الصحيح: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها.
وبكل حال، فالموازنة بين هذين الأمرين فيها خير كبير، وعودي نفسك فعل الخير بالمداومة عليه وإن قل؛ فإن قليلا دائما خير من كثير منقطع، والله يوفقك لما فيه رضاه، وراجعي للفائدة، الفتوى: 257611.
والله أعلم.