السؤال
إذا ناداني أحد والدي وأنا أقرأ القرآن هل أستمر في القراءة أم أستجيب للنداء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإذا ناداك أحد والديك وأنت تقرأ القرآن، فعليك أن تقطع القراءة وتجيبه، لأن هذه القراءة نافلة، وإجابة نداء الوالدين في هذه الحالة واجبة، لأن ترك إجابتهما مع القدرة على الإجابة من العقوق، وهذا مناف للبر والإحسان الذي أمر الله به في حق الوالدين ولا يجوز أن يشتغل بالنافلة عن الواجب. ولعل من المناسب أن نسوق هنا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتت وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج فأتوه فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟! قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال: يا غلام: من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه، ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت... قال الإمام النووي في شرحه على صحيح الإمام مسلم: قال العلماء: هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها، لأنه كان في صلاة نفل، والاستمرار فيها تطوع، وإجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام... انتهى. والله أعلم.